النكبة الفلسطينية أكملت عامها الخامس والسبعين

بقلم إيلين سوبورغ (*):

ترجمة – د. شابا أيوب:

كتبت المناضلة الشيوعية الدنماركية إيلين سوبورغ المقال التالي ونشرته جريدة (الشيوعي) في عددها السابع الصادر في نهاية شهر حزيران الماضي جاء فيه:

 

في الخامس عشر من أيار (مايو) من كل عام تمر ذكرى التطهير العرقي الشامل الذي بدأته إسرائيل بعد إعلان الدولة اليهودية في عام 1948.

لقد كانت مجزرة لم نشهد مثيلاً لها من قبل، فقد قَضتْ على نحو 560 بلدة وقرية فلسطينية وأزالتها تماماً من على وجه الأرض، وحوّلت ثلثي الشعب الفلسطيني من الناجين من المجازر إلى لاجئين.

وعلى الرغم من القواعد الدولية وقرارات الأمم المتحدة، لم يُسمح لهم أبداً بالعودة، واختفت بَلداتهم وقُراهم إلى الأبد وأصبحت أنقاضاً تحت المُدن الإسرائيلية المبنية حديثاً.

بهذه المناسبة أُقيمتْ في كوبنهاغن مظاهرة تذكارية رائعة مع عدد من الخطباء والموسيقا الحية والعديد من المشاركين في كُلٍ من الساحة الحمراء والموكب اللاحق من شارع النور برو (Nørrebrogade) والسير باتجاه ساحة فلسطين (إسرائيل) الواقعة في مركز العاصمة كوبنهاكن، لكن كالعادة غابتْ وسائل الإعلام الدنماركية تماماً عن تغطية هذه الفعالية.

في المقابل، تَذكّرَ عدد من قادة الدول الأوربية تهنئة إسرائيل بالذكرى 75 لتأسيسها، وتَلقّى كلمة التهنئة التي ألقتها رئيسة المفوضية الأوربية أورسولا فون دير لاين (١) الدكتور سلمان أبو ستة (٢) فبعث لها برسالة مفتوحة، يُواجهها فيها بعدد من الأخطاء الوقائعية المُعيبَة في الخطاب، والتي تُعبّر أيضاً عن قبول انتهاكات القانون الدولي والانحرافات عن القواعد الأساسية للعدالة.

أورسولا فون دير لاين تُهنئ إسرائيل على دولة تبلغ مساحتها 20500 كيلو متر مربع، أي 78٪ من مساحة فلسطين، 72٪ منها حصلت عليها إسرائيل عن طريق الغزو! ثم أثنتْ على الدولة الإسرائيلية (لبراعتها وابتكاراتها الرائدة).

يَضخ الاتحاد الأوربي مليارات اليوروهات في (البحث العلمي) في إسرائيل وفق البند الخاص بشرط التزام واحترام إسرائيل لحقوق الإنسان فيما يتعلق بهذه البحوث. ولكن تم التنازل عن هذا البند بناء على طلب إسرائيل.

وَفوراً استفادت شركة تصنيع الأسلحة Elbit بعد التنازل عن هذا الشرط بنشر أسلحة الدمار الشامل، التي تستخدم على نطاق واسع في غزة، حيث تأخذها شركة Elbit إلى الميدان لتوجيه الجنود الإسرائيليين إلى استخدام الأنواع الجديدة من الأسلحة، والتي يمكن بعد ذلك أن تُباع دولياً على أساس تم اختبارها في المعارك.

وتُكرر أورسولا أيضاً الدعاية الإسرائيلية التي تقول أن اسرائيل (جعلت الصحراء تزدهر). لكن الحقيقة هي أنه كان هناك 12500 كيلومتر مربع من الصحراء، قامت إسرائيل بسقي وزرع 800 كيلومتر مربع فقط (أي 6%). ولا تزال 94٪ صحراء، وهذه 6% من الأراضي المُستصلَحة تُروى بالمياه المسروقة من الضفة الغربية ومرتفعات الجولان، والزراعة المُستصلحة تُنتج فقط 1.5% من الناتج الإجمالي المحلي لإسرائيل.

في الخطاب المُوجه الى إسرائيل، لم تذكر كلمة واحدة عن المجازر التي ارتكبتها إسرائيل، على سبيل المثال مجزرة دير ياسين، ولا عن المسؤولين عن التطهير العرقي، ولم يكن هناك أي احتجاج على أنه بعد ثلاث سنوات فقط من إغلاق معسكرات الاعتقال في ألمانيا والعمل القسري فيها، أُعيد هؤلاء إلى فلسطين كمُهاجرين أوربيين.

لم يرد ذكر للنكبة – وهي أسوأ كارثة في تاريخ فلسطين المُمتد 4000 عام، ولا الغزو الصهيوني لـ 120 ألف جندي أوربي في 9 فرق نفذوا 31 عملية عسكرية، أو المجازر التي تسببت في إخلاء 560 بلدة وقرية، مما جعل ثُلثي الشعب الفلسطيني لاجئين.

منذ ذلك الحين، غالباً ما صوتت أوربا والأمم المتحدة ضد حقوق فلسطين غير القابلة للتصرف. إنّها علامة على العنصرية الغربية، ويُذكِّر بالتاريخ الأوربي الاستعماري القذر.

الآن سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كانت رئيسة المفوضية سترد على رسالة الدكتور سلمان أبو ستة المفتوحة والمُتضمنة انتقادات ذات الصلة.

——–

(*) قيادية في الحزب الشيوعي في الدنمارك.

(١) أورسولا غيرترود فون دير لاين، سياسية ألمانية تنتمي لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وتشغل منصب رئيسة المفوضية الأوربية منذ الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) 2019

(٢) د. سلمان أبو ستة (1937- ) هو باحث فلسطيني ولد بمدينة بئر السبع، ويعد من أكثر الباحثين ارتباطاً بقضايا اللاجئين الفلسطينيين.

 

 

العدد 1105 - 01/5/2024