زراعتنا في خطر.. هل تسمعون؟!

رمضان إبراهيم:

يمكننا القول بكلّ ثقة إن الواقع الذي يعيشه المزارعون ونعيشه كمستهلكين، والمعطياتُ والوقائع والنتائج على الأرض تؤكّد أن الجهات المعنية في الحكومة لم تكن قادرة على وضع سياسة زراعية تضمن تأمين مستلزمات الإنتاج بأسعار وأوقات مناسبة إضافة إلى تحديد سعر كل مادة زراعية منتجة وفق تكلفتها مع هامش ربح مقبول للفلاح المنتج تشجعه على الاستمرار في الإنتاج والبيع بهذا السعر على امتداد فترة الإنتاج، بحيث نبعد الفلاح عن أي خسارة وقلق وخوف منها، ونمنع الحلقات الوسيطة من تحقيق الأرباح الكبيرة على حسابه وحساب المستهلك.

وبالرغم من كل الصراخ والمقالات المتضمنة ملاحظات وتساؤلات، فالملاحظ استمرار هذا العجز مع الإشارة إلى أن الفلاح هو الأداة الرئيسيّة لزيادة الإنتاج، وتأمينُ مستلزمات الإنتاج له بعيداً عن التهريب والسوق السوداء هو الشرط الأساسي لعمله وإنتاجه، وتسويقُ إنتاجه بعيداً عن المعاناة والخوف والضغوط النفسية والخسارة هو الشرط الأساسي الثاني في استمراره بالإنتاج وتطوير هذا الإنتاج، لكن هل تحمي سياستنا الزراعية هذا الفلاح وتؤمن له المستلزمات وتسوّق له الإنتاج وفق ما ذكرنا؟

هذا العام عمدت الحكومة إلى تشجيع زراعة القمح واعتبرته أولوية في الإنتاج لجهة صرف الأسمدة والمحروقات، ومنعت بذلك عشرات المزارعين ممن كانوا يعتمدون على زراعة الكمون واليانسون والحبة السوداء، ولكن المفاجأة كانت في تسعير الإنتاج الذي بلغ ٢٣٠٠ ليرة/كغ للقمح و٢٠٠٠ ليرة/كغ للشعير، فهل يعقل هذا!؟

وبالنظر إلى المواسم الماضية، لو تمعّنّا في خطط الحكومة الزراعية وهل كانت على قدر المطلوب بالنسبة للمحاصيل الاستراتيجية، وبالأخص القمح، كان الجواب في السابق: نعم، أما في المواسم القليلة الماضية وهذا الموسم، لاسيما لجهة تأمين مستلزمات الإنتاج وتحديد السعر للكيلو بأقل من الكلفة، فالجواب: لا! وبالنسبة لبقية المحاصيل الرئيسيّة وغير الرئيسيّة، فالجواب: لا، أيضاً لجهة مستلزمات الإنتاج والأسعار والتسويق، والدليل هو الخسائر المتكررة التي يتعرض لها الفلاحون بسبب شراء الكثير من مستلزمات إنتاجهم من الأسواق السوداء بأسعار كبيرة كالبذور والسماد والمازوت وغيرها، ومن ثم بسبب بيع معظم إنتاجهم بأسعار تقلّ عن التكلفة بكثير، والأمثلة معروفة وكثيرة للجميع.

السؤال الذي يردده المزارعون على السواء هو: ما دامت كلّ توجيهات الدولة وتوجّهات تؤكد على دعم الإنتاج الزراعي وتطويره في هذه الظروف القاسية التي نعاني فيها الحصار والعقوبات والوضع المعيشي السيئ، لماذا نجد أن سياستنا الزراعية والتسويقية ما زالت قاصرة جداً عن تحقيق النتائج المرجوة لجهة حماية المنتجين والمستهلكين، وتطوير الإنتاج كماً ونوعاً وتسويقه في الداخل والخارج بالشكل المناسب؟

أليس من الأجدى والأفضل أن يكون لدينا خلية أزمة زراعية تملك سلطة القرار، وصولا إلى الاستقرار لدى المنتج والمستهلك، بما ينعكس استقراراً على الوضع المعيشي لغالبية السوريين!؟

 

العدد 1104 - 24/4/2024