إطار إقليمي جديد والاستثمار السوري للمتغيرات

كتب رئيس التحرير:

جميع المؤشرات السياسية الإقليمية تدلل على تشكل نطاق إقليمي جديد في ظل المتغيرات الانعطافية التي أفرزتها العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، تزامناً مع اصطفافات دولية جديدة تسعى إلى عالم متعدد الأقطاب، بعد عقود من تفرّد القطب الامريكي بفرض إرادته ومصالحه على السياسة والاقتصاد العالميين.

الإطارالإقليمي الجديد الذي يضم دون دولاً عربية وإيران.. وربما تركيا، سيكون حسب المجريات والتصريحات الممهدة لتشكيله أقلّ اعتماداً على القطب الأمريكي وأكثر اهتماماً بمشاكله الإقليمية وعوامل تطوره الاقتصادية والاجتماعية، خاصة أنه يمتلك الموقع الجيوسياسي والثروة النفطية والاقتصادات المتنوعة، واليد العاملة الخبيرة.

وبغض النظر عن التباين بين هذه الدول في موقفها اتجاه الكيان الصهيوني والمسألة الفلسطينية، فهي تضمّ دولاً طبّعت علاقاتها مع هذا الكيان، وأخرى مقاومة- حتى الآن- لهذا التطبيع ولجميع المخططات التوسعية الصهيونية، فإن الحكمة تتطلب استثمار هذا النطاق الإقليمي الجديد في مصلحة سورية وشعبها، بما يؤدي إلى إنهاء الأزمة السورية عبر الطرق السياسية دون التفريط بالثوابت الوطنية، التي تتلخص بخروج الاحتلال الأمريكي والتركي، وضمان سيادة الدولة السورية على أرضها، ووحدة سورية أرضاً وشعباً، والاعتراف بالحقوق السياسية والديمقراطية للشعب السوري، واحترام خياراته المستقلة دون تدخل أجنبي.

التحرك السوري الفاعل، الذي جاء متناغماً مع المتغيرات الدولية، وبدايات التقارب العربي، والذي بدأ مع الزيارات التي قام بها السيد رئيس الجمهورية، ثم وزير الخارجية، تفتح الآفاق أمام إنجاح المساعي السلمية لحل الأزمة السورية، لكن ذلك يتطلب أيضاً حزمة من الإجراءات في الداخل السوري، تمهّد وتسهّل الوصول إلى حل نهائي بعد 12 عاماً من الأزمة، وغزو الإرهابيين والحصار وتدمير وسرقة القطاعات المنتجة، وركود الاقتصاد الوطني، والأعباء المعيشية التي عاناها الشعب السوري، والتي وصلت به إلى حد الفقر والجوع، ويأتي في طليعة هذه الإجراءات توحيد كلمة السوريين عبر حوار وطني واسع، يضمّ المكونات والأطياف السياسية والاجتماعية والإثنية للتوافق على الخطوات الضرورية لإنهاء الأزمة السورية، التي نراها نحن في الحزب الشيوعي السوري الموحد تتركز على المهمات التالية:

1-  مقاومة الاحتلال الصهيوني والأمريكي والتركي للأرض السورية، وبسط سلطة الدولة في جميع المناطق السورية،ووحدة سورية أرضاً وشعباً.

2- استكمال مسيرة المصالحة الوطنية في جميع المناطق، والحرص على العودة إلى الاصطفاف الوطني ونبذ الاصطفافات الدينية والطائفية والمناطقية، وعودة المهجّرين إلى الوطن.

3- إعطاء الأولوية في عمل الحكومة لمساعدة المتضررين من الزلزال، والإسراع في بناء المساكن البديلة.

4- التوافق على الإصلاحات السياسية والديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية.

5- وضع الإطار العام لخطة إعادة الإعمار، وتكليف الحكومة بوضع خطة للبدء بتنفيذ التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمتوازنة.

6- تخليص المواطنين السوريين من وضعهم المعيشي المتردي، عبر تدخل حكومي فاعل، والعودة إلى مبدأ الدولة الراعية للفئات الفقيرة والمتوسطة.

7- وضع الخطوات الملموسة لإنهاض الاقتصاد الوطني، ودعم الاقتصاد القطاعات المنتجة في القطاعين العام والخاص، والاستفادة من الرساميل الوطنية في تنفيذ خطة التنمية الشاملة استناداً لمبدأ التعددية الاقتصادية، والتركيز على الصناعة والزراعة.

السوريون متفائلون بقرب الانفراج رغم معاناتهم الاجتماعية والمعيشية، ويراقبون باهتمام بالغ ما ستسفر عنه التحركات السورية والعربية، وأيضاً التوازنات الجديدة على الصعيد الدولي، والمطلوب اليوم بذل أقصى الجهود ليتحول الانفراج إلى واقع ملموس، وهذه مسؤولية القيادة السياسية بالدرجة الأولى، لكنها أيضاً مسؤولية جميع القوى السياسية والاجتماعية.

سورية ستنهض.

العدد 1105 - 01/5/2024