الحكومة في مكان والشعب في مكان آخر!

رمضان إبراهيم:

السؤال الذي يطرحه ملايين السوريين منذ زلزال 6/2/2023: ما هذه الحكومة التي لا تكترث بمواطنيها؟

في لقاء مع رئيس غرفة صناعة حلب فارس الشهابي أجاب عن أحد الأسئلة على طريقته عندما قال بأنه حتى اللحظة لا يوجد أي قوانين استثنائية وما زلنا نسير بالوتيرة التي كنا ننتقدها قبل وقوع كارثة الزلزال!! فعندما يبقى مئات الألوف من السكان بلا مأوى، فمن الطبيعي أن يطالب الشهابي باسم المنكوبين بقانون خاص للمناطق المتضررة، ولكن اجتماعات مجلس الوزراء لا تشي حتى الآن بأن لكل الصراخ والاستغاثات آليات فعالة لتأمين مساكن ولو كانت مؤقتة للمتضررين، ولا بمشروع قانون يتيح اتخاذ اية إجراءات استثنائية لوضع استثنائي لم تشهده البلاد منذ قرنين من الزمن!

وخلال هذا الشهر الفضيل شاهد كل من يتابع برامج المسابقات والجوائز التي تتحفنا بها وسائل الإعلام الرسمية والخاصة وجود أناس كثر لايزالون في منازلهم المتصدعة أو يقضون نهارهم بين أنقاضها ويبيتون ليلتهم عند الجيران أو الأقارب، بل اكتشفنا أن الكثيرين لا يملكون المال لشراء وجبة إفطار متواضعة لأولادهم!

وعلى الرغم من الواقع المخيف والمزري لآلاف الناس، فإن اهتمام الحكومة بهم كما تابعنا في اجتماعاتها وتصريحاتها انحصرت في تأمين السلع والمواد في شهر رمضان وضبط الأسواق والأسعار للمقتدرين، وإلى حدٍّ ما متابعة موضوع تأمين مساكن للمتضررين في المناطق التي حدّدتها وزارة الأشغال!!

علماً أن هناك العديد من الزملاء الإعلاميين في أكثر من وسيلة وعبر أكثر من منبر قد طرح جملة من الحلول المناسبة لمساعدة المنكوبين إضافة إلى أن غرف التجارة والصناعة أطلقت بعض المبادرات الجادة لاستئجار شقق للمنكوبين وبناء بعض الأبراج السكنية، إلا أن الحكومة لم تكن على مستوى الاستجابة السريعة لتطويق الآثار المرعبة للكارثة، ولا تزال في مرحلة النقاش والدراسة واستعراض المقترحات التي لا تقدم شيئاً لهم.

وإذا برز لنا من يمنّن هؤلاء بسعي الحكومة لإقامة مراكز الإيواء وتوزيع المساعدات الغذائية على المتضررين، فإننا نتساءل مع عشرات الآلاف الذين تشردوا: ماذا فعلت الحكومة لمساعدة المتضررين من الزلزال بشكل فعلي!؟

إن من تعرّضوا مثلنا لكوارث كهذه قد وجدوا في الضواحي السكنية الحل الجذري لتأمين مساكن دائمة مقاومة للزلازل، وعلى الرغم من مطالبات الكثيرين لوزارة الأشغال أن تعلن عن مناطق التطوير العقاري التي أقرتها منذ سنوات لبناء الضواحي لكنها لم تفعل حتى الآن، بل اصمّت آذانها عن كل المقترحات ورأت أن بناء أبراج في بعض المناطق هو الحل، ولكنه في حقيقة الامر ليس حلاً، إذ إنها تكاد لا تكفي بضعة آلاف من المتضررين، وكما ذكرنا سابقاً فإن الحل الوحيد يكمن في بناء الضواحي بتقنيات صينية، أي التشييد السريع الذي يتيح إنجاز ضاحية بـ 10 آلاف شقة بأقل من سنة، فما هو المانع من مراسلة شركات كهذه، أم أن وراء السكوت ما وراءه؟!

وإذا ما وسعنا الدائرة في مجالات أخرى سنكتشف أن الحكومة تخلّت عن مهمتها الدستورية بتأمين دخل يكفي الحد الأدنى لمتغيرات المعيشة، والسؤال: إن لم يكن المواطن محور نشاط الحكومة ولجنتها الاقتصادية، فما القضايا التي تشغلها في اجتماعاتها الدورية والاستثنائية؟ وإلى متى تبقى الحكومة في مكان والمواطن ومشاكله المتراكمة في مكان آخر؟!

 

العدد 1104 - 24/4/2024