إشكالية مياه الشرب.. صعوبة الحل وهي خارج السويداء
السويداء – معين حمد العماطوري:
يتعالى صراخ وأصوات غاضبة بسبب شحّ المياه في محافظة السويداء ريفاً ومدناً، وما زلنا في فصل الشتاء، فكيف إذاً سيكون الوضع وقد اقترب فصل الصيف بحرارته وتبخره، إذ كثيراً ما نرى السدود المخصصة لتخزين المياه قد نضبت وجفت تقريباً، وبات يقينا ان تأمين الحد الأدنى من المياه شبه مستحيل في ظل التداعيات المتلاحقة من سرقة كوابل كهرباء ومولدات مياه ومحروقات وتعطيل الغاطسات.
إن حاجة المنزل الواحد من المياه في السويداء تكلّف أكثر من 150 ألف ليرة سورية، في وقت لا يتجاوز متوسط راتب الموظف شهرياً 130 ألف ليرة. فهل هناك دولة في العالم غنية بالمياه الجوفية، لا يكفي الراتب فيها شراء المياه…
هذا يدفعنا للسؤال: ما دور الإدارة؟
الإدارة رفعت أيديها للسماء مسلّمةً أمرها له، فهي تعمل بكامل طاقتها التي تنوف بنسبتها عن 150 بالمئة بنزاهة، رغم ما يلتف بها من عوامل لا تحقق الاصلاح، فهي تخلق من الموت حياة جديدة.. ولكن ما نفع الهواء والدواء مع الأموات، لأن الماء هو الحياة.
إن حل إشكالية مؤسسة المياه في السويداء معقّد، وهو في الوقت نفسه سهل، إذا أرادوا له الحل!
تعقد العديد من الاجتماعات اليومية ومطالبتها بتأمين المياه للمواطنين، ولكن بالنظر إلى الأمر بعين العقل والإدراك تجد أن الإدارة الحالية جاءت على تركة لا تحسد عليها، مؤسسة عليها من الديون المالية المتراكمة أكثر من عشرة مليارات ليرة سورية.. وعملها مرتبط ارتباطاً عضوياً مع مؤسسات خدمية أخرى ذات الفعالية الاقتصادية مثل (الكهرباء) و(المحروقات)، اللتين تعانيان هما من نقص في موادهما أي الكهرباء والمحروقات.. وبالتالي الميت لا يحيي ميتاً.
إذا نحن أمام معضلة في الحل: لا محروقات لتشغيل المولدات ولا كهرباء، وإذا توفرت فإنها باستطاعتها وحمولتها غير قادرة على تشغيل الآبار بالشكل المطلوب.. إذ كيف لكهرباء تغيب ست ساعات وتشتغل ساعة واحدة فقط، أن توفر الاحتياجات والمطلوب أكثر من عشرين ساعة يومياً لتأمين مياه الشرب. وكيف للمحروقات التي لم تستطع تأمين التدفئة في فصل الشتاء، أن تؤمن احتياج مؤسسة المياه لتشغيل مولداتها؟!
لم نقل الفساد والأيادي العابثة بمؤسسة المياه والتي لا يطولها ميزان القضاء والمحاسبة الرقابية لأنها محصنة بلقاح ضد كل ذلك.
ومؤخراً ألغي نقل المياه عبر الصهاريج المتعاقدة مع المؤسسة من قبل المعنيين وهي التي كانت ترفد المؤسسة بأعمال تخفف من اعباء الضغط الاجتماعي عليها؟
وكذلك السؤال الذي يفرض نفسه من كواليس الإدارات والتعيينات، لماذا لا يعين مدير إلا إذا كان وفق الشروط المرضية عنه من قبل المتعهد فلان وفلان وفلان.. أو المقاول فلان وعلان؟
لماذا لا نساعد المدير الذي أثبت خلال عقود نزاهته وحرصه على المقدرات ونساهم معه بنجاح إدارته؟
فماذا بنا تفعلون؟
ونحن على حوض اليرموك أي على بحر من المياه؟
بالمختصر حالنا كما يقال في المثل الشعبي (ضحك على الذقون)، أو (صحيح لا تقسم ومقسوم لا تأكل وكول واشبع!).
ولهذا أرى أن إشكالية المياه بالسويداء حلولها من خارج السويداء وبأيدي أصحاب القرار، وهناك نسبة من الحل لا يمكن إنكارها داخلياً تكمن في القضاء على المخالفات بأشكالها وأنواعها، من خلال انتقاء الكوادر التي باتت تعاني من النقص في معظم الدوائر والمؤسسات نتيجة الفقر والحاجة وضعف الرواتب.. وهجرة الخبرات والكفاءات.
الأصوات تصرخ السويداء عطشى، نعم هي عطشى، ولكن هل هناك آذان تستمتع لصراخنا لتأمين الحد الأدنى من مستلزمات العمل؟!
أم سيبقى المتتبع للحقائق بالسويداء يشعر بمدى إشكالية الفساد والإفساد الداخلي والخارجي من أصحاب الأقلام القادرة على سد الفجوات والثغرات، وهي لا تفكر بالحل، بل بالسيارات الفارهة والمراسلات والحاشيات المتضمنة تنفيذ التعاميم التي من شأنها ضغط النفقات وتعطيل العمل، ونحن قادمون على صيف حار وعطش حقيقي، وما يخشى من تبعات العطش المترافق مع الجوع والفقر مما لا تحمد عقباه؟!