التسعير في أسواقنا.. التمور واللحوم أكبر من قدرة معظم المواطنين!

سليمان أمين:

تشهد الأسعار في أسواقنا ارتفاعات يومية شديدة دون أي روادع، وسط غياب كامل لوزارة التجارة الداخلية التي فقدت حمايتها للمستهلك وأصبحت عليه، فلا سياسة أسعار واضحة موجودة، ونشراتها التسعيرية مجرد أرقام وهمية أمام سياسة التسعير التي ينتهجها التجار في الأسواق، بالتعاون مع لجان الرقابة التموينية، أو بغضّ النظر، ففي حالات كثيرة، بات الهمّ الوحيد لكثيرين منهم جمع أكبر غلّة يومية من أصحاب المحلات وتأمين مستلزمات بيوتهم فقط، متجاوزين عن مخالفات التسعير الجرمية التي يرتكبها التجار بحق المواطنين بشكل يومي، فقد شهدت أسعار المواد الغذائية خلال هذا الشهر ارتفاعات شديدة بفوارق كبيرة لكثير من المواد، وأولها اللحوم والفروج والتمور والألبان وغيرها من المواد الأساسية كالزيوت والسكر والطحين والمنظفات …الخ، من دون أيّ توضيح أو نشرات تسعير واضحة من قبل الوزارة، إضافة إلى فقدان بعض المواد واحتكارها من الأسواق لرفع أسعارها، وهذا ليس بالجديد فهذه الطريقة يعتمدها التجار منذ بداية الحرب على سورية، بالتنسيق مع بعض المسؤولين النافذين المستفيدين الذين لا يقيمون للقانون أي وزن في محاسبة أي تاجر احتكر سلعة ليتاجر بها برفع سعرها والذي يعتبر جرماً وفق قوانين الوزارة .

التمور ترتفع بنسبة 40%

شهدت أسعار التمور ارتفاعاً كبيراً تجاوز 40% وبعض الأصناف تعدت 60% ومازال الارتفاع مستمراً بشكل يومي، وذلك قبل قدوم شهر رمضان المبارك، وعند سؤالنا لأصحاب المحلات عن سبب الارتفاع السعري الكبير الذي تفاوت بين محل وآخر، وبين صنف وآخر قالوا: إن التسعير الذي حصل هو من وزارة التجارة الداخلية، وليسوا هم من رفع السعر، وبجولة على عدد من المحلات في اللاذقية وجدنا تفاوتاً كبيراً في الأسعار بين محل وأخر بفوارق كبيرة، ففي أحد المحلات بلغ ارتفاع الكيلو الواحد بالمفرق 10000 ليرة سورية، وهنا نتساءل ما سبب ارتفاع أسعار التمور بهذه الهستيريا؟؟ مع العلم أن أبواب الاستيراد مفتوحة على الدول المنتجة للتمور كالإمارات والعراق والسعودية وإيران، فهل من مسؤول وزاري يوضح ذلك قبل حلول شهر رمضان، لما تشكله التمور من غذاء رئيسي على موائده.

الفروج واللحوم أيضاً

شهدت أسعار اللحوم والفروج ارتفاعات كبيرة جداً خلال الأسبوعين الماضية وتجاوز الارتفاع للكيلو الواحد فوق 8000 ليرة سورية بالنسبة للفروج، أما اللحوم فقد تخطى الارتفاع 15000 ليرة سورية للكيلو، مع العلم بأن نشرة التسعير في الوزارة أقل من سعر السوق بفارق 7000 ليرة سورية، فعلى سبيل المثال سعر شرحات الدجاج في النشرة 34000 بينما سعرها في السوق تعدى 40000 ليرة سورية، وعند سؤالنا لأصحاب المحلات عن فوارق السعر وسبب ارتفاع الأسعار بشكل جنوني كان جوابهم إن تسعير التموين ليس منصفاً وإن الطلب خفيف جداً اليوم من قبل المواطنين، كما عزا مربو الدواجن سبب ارتفاع الفروج إلى قلة الانتاج وارتفاع أسعار التكلفة من علف وأدوية وتدفئة إضافة للنقل وغيرها الكثير من الأمور التي تساهم في تربية الدواجن، وعن توقعاتهم لنزول الأسعار قال بعض المربين: ليس في الوقت القريب فنحن محكومون بأسعار مستلزمات الانتاج وقد ارتفعت بشكل كبير ومخيف، وباتت تربية الدواجن خاسرة جداً، وهذا هو السبب الرئيسي الذي جعل الكثير من المربين يتوقفون عن الإنتاج منتظرين تحسن الظروف والطقس.

ونستنتج من ذلك أن سوق الفروج واللحوم ستشهد ارتفاعات كبيرة في الفترة المقبلة بسبب غياب المنافسة وقلة الإنتاج، إذا لم يكن هناك معالجة من قبل المسؤولين للوضع المتفاقم.

وهنا نتساءل: ماذا تفعل والزراعة ومديرية تربية الدواجن واللحوم؟

ختاماً

إلى متى يتحمل المواطن سياسة التسعير غير الواقعية والتي تصب بمصلحة التاجر وليس بمصلحة المواطن؟؟ إلى أين سيصل بنا مسؤولو حكومتنا الذين أثبتوا لسنوات بأن ليس لديهم أي سياسة عملية لمعالجة واقع الأزمات المعيشية؟؟ إلى متى يتحمل المواطن هذا الجنون السعري الذي فاق دخله الشهري بكثير؟ متى يشعر المواطنون السوريون بأن لديهم حكومة حقيقية على الأرض تعتبرهم مواطنين، وليست حكومة فضائية لا ترى سوى نفسها وتجارها من أثرياء الأزمات ولصوص الحرب، إلى متى؟!

العدد 1105 - 01/5/2024