عدوان قذر وتبريرات بالية تخفي رسائل!

طلال الإمام_ السويد:

وسط صمت عربي إقليمي وعالمي مريب شن العدو المحتل عدواناً جديداً على الشام استهدف المركز الثقافي في كفرسوسة، المديرية العامة للآثار والمتاحف، صيدلية في حي المزرعة، معهد الفنون التطبيقية بقلعة دمشق التاريخية إضافة إلى أبنية سكنية يقطنها مدنيون سقط على إثره شهداء وجرحى مدنيون.. عدوان موصوف يستهدف أماكن مدنية في أحياء وسط العاصمة السورية.

حتى لو أخذنا تبريرات المعتدي باستهداف شخصيات إيرانية أو مقاومة أو غير ذلك، فهل يحق له استهداف مراكز مدنية وقتل أبرياء اعتماداً على تلك الحجج؟ إذا اعتمدنا جدلاً تلك التبريرات في العلاقات الدولية، يمكن طرح سؤال جداً بسيط: هل يحق لدولة، أية دولة الاعتداء على بلد آخر مستقل بحجة وجود قوى تعتبرها معادية؟ هل يحق مثلاً لكوبا او غيرها شن هجوم على دول تؤوي معارضين لها؟ لو مارست الدول هذه الحجج لتحول العالم إلى أسوأ من غابة.

نعتقد أن العدوان الأخير على الشام له أسباب بعيدة ويأتي وفق تغييرات جيوسياسية إقليمية ودولية بدأت إرهاصاتها، نقصد بعد وقوع الكارثة الطبيعية والزلزال المدمر الذي ضرب عدة مدن ومناطق في سورية وما خلفه من ضحايا ودمار واسع، إذ فقد الملايين المأوى وسبل العيش. بعد هذه الكارثة بدأت العديد من الدول بكسر الحصار الجائر المفروض على سورية ولو بشكل خجول بإرسال مختلف أشكال المساعدات، كما عادت الحيوية لمطارات سورية وكثر الحديث عن بدء إعادة الاعمار.

الأهم من ذلك باعتقادي هو الهبة/ الفزعة من السوريين التي تجلت بمساعدة بعضهم البعض دون النظر إلى الانتماء الديني، الطائفي، الإثني أو المناطقي. لقد كان أحد أسباب الحرب على سورية منذ أكثر من عقد من الزمن هو قتل تلك الروح وتفتيت الوطن السوري. جاء الزلزال المدمر فكشف أن تلك الروح عادت بشكل قوي (دون أن نقول إنها زالت تماماً) هذه المؤشرات أرعبت العدو فقام بعدوانه.

لذلك أرى أن أحد أسباب العدوان الرئيسية هو إرسال رسالة للخارج أيضاً على خلفية تصاعد المطالبة بكسر الحصار، وبدء عملية إعادة بناء ما خلفته الحرب والزلزال مع الحديث عن استعداد دول وشركات للمساهمة في هذه العملية. جاء هذا العدوان لبث الذعر في الدول والشركات من أن سورية ليست آمنة تماماً للاستثمار فيها، بمعنى رسالة تخويف وتهديد مغلفة بشعارات بالية من كثرة تكرارها.

المعروف أن رأس المال الاستثماري الذي يبحث وراء الربح يحتاج إلى أمان ويهرب إن لم تؤمن له بيئة مناسبة. هذا هو السبب الأساسي الآن وراء شن هذا الاعتداء القذر.

تبّاً للمعتدي، والمجد لسورية!

العدد 1104 - 24/4/2024