أهالي السويداء: بالدم نفدي أهلنا!

النور- السويداء – معين حمد العماطوري:

ما إن سمع اهالي السويداء بكارثة الزلزال في وطننا حتى انبرى العديد من الفعاليات بالتبرع سواء بالمواد الغذائية أو الطبية، ومن لم يستطع التبرع ذهب متطوعاً للعمل في حقل الإغاثة، وكثيرون من سائر الفئات العمرية زحفوا الى بنك الدم بالسويداء للتبرع بالدم مجسدين أهزوجة الأهل والأجداد مؤكدين حضورها حين الطلب: (بالدم نفدي وطنّا)، إضافة إلى نشاط العديد من الجمعيات الأهلية وغرفة التجارة والصناعة، والمجتمع الأهلي والمحلي والهيئات الدينية على تنوع أطيافها، معبّرين عن تضامنهم، وسيّروا قافلات إغاثية لمدة أربعة أيام، كل يوم إلى محافظة من المحافظات المنكوبة، محملة بالمساعدات الإنسانية والصحية والغذائية.

وقد أكد رافع مقلد (أمين سر مجلس محافظة السويداء) أن النخوة التي تميز بها أهلنا في السويداء كانت مذهلة اذ لم يبق قرية أو تجمع اهلي أو فعالية أهلية إلا وساهموا في تقديم المساعدات، وقد رافقنا مع عدد من أعضاء مجلس المحافظة والمكتب التنفيذي قافلات المساعدات المقدمة من أهالي السويداء إلى إخوتهم في حلب وحماه واللاذقية وإدلب تعبيراً عن عمق العلاقة الوطنية والانتمائية والربط بين الجغرافيا والتاريخ، مستذكرين أنهم لم يبخلوا يوماً بمساعدتنا حينما تعرض جبلنا لهجوم داعش في الخامس والعشرين من تموز، وهو دليل أن الوفاء سمة من سمات الشعب السوري في السويداء في جميع المحافظات السورية. وهذا أقل واجب إنساني وأخلاقي للسوري اتجاه أخيه السوري.

وأشار الدكتور طارق الجمال (مدير الصحة في السويداء) لـ(النور) منذ بدء انتشار خبر الكارثة استنفر قسم بنك الدم وكانوا الجنود المجهولين لساعات وساعات وهم يحققون مطالب أهالي السويداء واندفاعهم ونخوتهم، الذين جاؤوا للتبرع بالدم لصالح أهلنا في المحافظات المنكوبة، فجعلوا العين قبل القلب تدمع، وذلك حينما أتى رجال ونساء مسنون وشيوخ وشباب وشابات يصرون على التبرع، إذ لا قدرة لهم للتبرع بالمال أو بعينات نقدية وما يملكونه هو الدم وهم يتبرعون به حباً بالمساهمة وشعوراً بالواجب الوطني، يقيناً أن تراث الأهل حاضر حينما كانوا يرددون: بالدم نفدي وطنا.

وأكدت سمر بو منذر (عضوة مجلس إدارة جمعية أصدقاء مرضى السرطان بالسويداء) أن هناك بعض المرضى أصروا على تقديم المساعدات، إضافة إلى مجلس إدارة الجمعية، ورغم ما تتعرض له الجمعية من شح في الموارد إلا أنها قدمت نحو ثلاثة ملايين ليرة سورية لأهلنا، لأن ذلك يعتبر واجباً وهم يستحقون من إخوتهم السوريين العون والمساعدة.

الأب فادي زيادة (الراهب الكبوشي من رهبان مار فرنسيس، ورئيس دير وكنيسة يسوع الملك للآباء الكبوشيين بالسويداء)، قال: حقاً ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان! قالها يسوع الحق، وها نحن في السويداء بأطيافها المتنوعة نقولها من خلال التبرعات النقدية والعينية إن المحبة رسالتنا والتعاون سمة من سمات أهلنا في المحافظات، وما حدث لإخوتنا أدمى القلوب والأعين وليس لنا إلا أن نقف مساندين مساعدين بما نستطيع وما وهبنا الرب لنكون العون لهم والمساعدة للخروج من محنتهم.

أخيراً (النور) التي وقفت على العديد من الفعاليات تنقل بصدق وأمانة ما لمسته من شعور إنساني وأخلاقي من أهالي السويداء إلى إخوتهم في حلب واللاذقية وحماه وإدلب والالتزام بالمساعدة هو واجب وطني.

الرحمة لمن فقد حياته تحت ركام الحجر، والشفاء العاجل للجرحى، وبوركت سواعد المتطوعين والعاملين في حقل الإغاثة.

العدد 1104 - 24/4/2024