هزّ البدن وهزّات أرضية!

محمود هلال:

ألا يكفي المواطن هزّ البدن يومياً وهو يسعى لتأمين حاجاته الأساسية ابتداءً برغيف الخبز وما يتبعه لتحضير طبخة غداء لأولاده من زيت وسمن ورز برغل وخضراوات وغيرها، فتأتيه هزات ليست بالحسبان كما حصل في السادس من الشهر الجاري، إذ حصلت هزات أرضية نتيجة الزلزال المدمر الذي حصل في تركيا وأدت إلى دمار هائل وموت في عدة محافظات سورية وجعلتها محافظات منكوبة، كما أدت إلى فقدان كثير من الناس منازلهم وباتوا بلا مأوى في هذا الشتاء القارس.

مسلسل الهزّ مستمر لكن من نوع آخر، هز لكل البدن وليس للخصور فقط، وذلك نتيجة غياب الضمير الذي بات يحتاج إلى هزات وزلازل عنيفة لكي يصحو، خاصة الضمير العالمي الذي مات منذ سنوات ومازال مستمراً إذ فقد كثيرون إنسانيتهم، ورغم الموت والدمار مازال العالم يتعامل بوحشية بعيداً عن الإنسانية دون أي وازع أخلاقي.

لقد راكمت الهزات التي حصلت هموما إضافية على كاهل الشعب السوري الذي يعيش أكثر من 10 سنوات تحت وطأة الحرب والحصار والدمار، ومازال يقاوم ويحتال على استمرارية الحياة رغم عذاباتها وقسوتها عليه، إذ أصبح المواطن يردد كلمة (وين) أكثر من مرة باليوم، (وين) الغاز؟ إذ بات الناس ينتظرون الرسالة أكثر من شهرين وأحيانا تصل على 3 اشهر، (وين) المازوت مازالوا بانتظاره من العام الماضي، وين الرز، وين الشاي، وين المؤسسة التي لا ازدحام عليها، وين.. وين.. ووين، حتى أصبح (يُوَيوِن) و(يئن) طوال اليوم منذ أن يستيقظ حتى ينام، ويعود ليكرر هذه السيمفونية في اليوم التالي ليبدأ بالهز من جديد.

قبل الحصول على أسطوانة الغاز عبر البطاقة الذكية كان المواطن يترنم على أصوات الأسطوانات الفارغة أمام محلات الغاز، وقبلها كان يترنم على قرقعة موزع الغاز أثناء دورانه في الحارات ومناداته على هذه المادة التي أصبح الحصول عليها اليوم هاجساً للكثيرين، الذين يترقبون وصول رسالة الغاز بفارغ الصبر، ليقيموا بعدها الأفراح والليالي الملاح، ويطلقوا الزغاريد، لأن انقطاع هذه المادة يشكل مأساة حقيقية داخل الأسرة، وخاصة عند ربة المنزل التي أصبحت لا تعرف لا تعرف كيف تتدبر أمورها وتعد الطعام لأولادها وعائلتها، ويزداد الأمر سوءاً مع فترات التقنين الطويلة للكهرباء التي تصل إلى 15 ساعة انقطاع في بعض المناطق.

وكذلك الأمر ينطبق على فقدان مادة المازوت، فالكميات التي حصل عليها المواطنون (50 ليتاًر) غير كافية خاصة في الأرياف وفي المناطق الجبلية والباردة، ونجد كثيرين يحملون (بيدوناتهم) ويبحثون عن مادة المازوت عند تجارها في السوق السوداء، خاصة في هذه الأيام الجليدية، ليكملوا لياليهم السوداء ويواجهوا شتاء هذا العام وبرده القارس.

أخيراً: من يقوم بتخفيف معاناة المواطنين الصابرين الصامدين في هذا البلد، وتأمين جميع احتياجاتهم من غاز ومازوت وخبز ونقل وكهرباء ومواد تموينية وغيرها وبأسعار رخيصة ومقبولة تقلل من همومهم وأوجاعهم ومن آثار الهزات الأرضية والكوارث الطبيعية ومن كل أنواع هزّ البدن الذي أرّق حياتهم ونغّص عليهم عيشهم؟

 

العدد 1104 - 24/4/2024