أوهام الانتظار.. وراهنيّة المواجهة

كتب رئيس التحرير:

استنفرت (الميديا) العالمية التي تتحكم في توجهاتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، بوسائلها التي تغزو العالم من أقصاه إلى أقصاه، وذلك بمناسبة التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس في أمريكا، ساعيةً إلى تكريس واقع تثبت الأحداث الجارية اليوم أنه أصبح من الماضي.

إن تضخيم نتائج الانتخابات النصفية بالشكل الذي تقدمه وسائل الإعلام العالمية، مهما كانت نتائجها، لن يجعل هذه النتائج تحمل تغييراً في جوهر السلوك الأمريكي العدواني، وهو يكرّس مقولة قيادة أمريكا للسياسة والاقتصاد العالميين، فحسب التحليلات والملفّات التي تُنشر، فإن تداعيات هذا التجديد القادم لنصف أعضاء الكونغرس، سيكون حسب اعتقادنا، حتى في حال فقدان الديمقراطيين للأغلبية، استمراراً للسياسات الأمريكية الهادفة إلى تأكيد وحدانية القطب من جانب، وتمارس تأثيرها على الأحداث العالمية وبؤر التوتر التي تسبّبت فيها، والحروب الإقليمية والمحلية التي أشعلتها، وفق منهجية عدوانية  متغطرسة من جانب آخر، والهدف النهائي لهذا السلوك هو إفهام الجميع أن أمريكا ما زالت هي العامل الرئيسي لحل المعضلات الدولية، إذا ما راعت دول العالم وشعوبه المصالح العليا للإدارة الأمريكية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والانسانية.

من ينتظر تغييراً في السياسات الأمريكية، بعد التجديد النصفي الوشيك للكونغرس، واهمٌ، حسب اعتقادنا، إذ تثبت الوقائع من تاريخنا المعاصر، أن الحزبين الأمريكيين يرسمان السياسات العدوانية تجاه شعوب العالم، ويدافعان عن تحكّم القطب الأمريكي في الفضاء العالمي وفقاً لمصالح أعداء الشعوب، ويرسمان المستقبل العالمي للبشرية انطلاقاً  من مبدأ لا إنساني شاذّ، يدعو إلى بقاء الأقوياء، الذين يمارسون تأثيرهم الحاسم في الاقتصاد والثروة العالمية، وتهميش مصالح الأكثرية الساحقة من سكان الكوكب، الباحثين عن الاستقرار والغذاء والتنمية المستقلة.

أما فيما يتعلّق بالحالة السورية، فقد اختبر شعبنا خلال سنوات الجمر سلوك الديمقراطيين والجمهوريين، الذين تناوبوا على دعم الغزو الإرهابي لبلادنا، وتزعموا حلفاً دولياً يهدف إلى تدمير سورية، تمهيداً لإنشاء فضاء إقليمي مستباح من الكيان الصهيوني، يحافظ على استمرار نهب بلدان المنطقة وشعوبها، ويمنع كلّ محاولة لتنمية مستقلة تطلق ثروات وطاقات دولها.

لقد ضحّى السوريون وجيشهم الوطني بأغلى ما لديهم، في مواجهة الغزو الإرهابي، وتمكّنت سورية، بدعم من حلفائها روسيا وإيران والصين، ودول أخرى، من دحر الإرهاب واستعادة معظم الأرض السورية، ولا نعتقد هنا أن الحلول لمآسي السوريين تمرّ عبر انتظار هزيمة الديمقراطي.. أو نجاح الجمهوري، في تلك الانتخابات، خاصة بعد دخول العالم في مخاض نزع هيمنة القطب الأوحد، والتحول إلى عالم متعدد الأقطاب، بل على العكس تماماً، المطلوب حسب ما نراه ونؤكده.. وما نعمل عليه، نحن في الحزب الشيوعي السوري الموحد، هو توحيد كلمة السوريين من أجل مقاومة الاحتلال الأمريكي والتركي والصهيوني للأرض السورية، وذلك عبر حوار سوري_ سوري شامل، يضم جميع الأطياف السياسية والاجتماعية والإثنية، بهدف التوافق على إنهاء أزمتنا، وما يتطلبه ذلك من إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، ومقاومة الاحتلال، والحفاظ على السيادة السورية ووحدة الأرض والشعب، ورسم مستقبل سورية الديمقراطي.. العلماني.

العدد 1105 - 01/5/2024