خدمات الشاطئ الأزرق برسم محافظة اللاذقية وقيادة شرطتها (2)

سليمان أمين:

تناولنا في العدد الماضي جزءاً من سوء الخدمات وتردّيها في المنطقة السياحية (الشاطئ الأزرق) في مدينة اللاذقية نتيجة الإهمال الكبير الذي تعرّضت له من قبل بعض المؤسسات الحكومية الخدمية المختلفة كالبلدية والسياحة والرقابة الأمنية، الذي أدى إلى تراكم المخالفات وسوء الخدمات وانتشار السرقات وتضاعفها في المنطقة، إضافة إلى الفوضى الكبيرة الحاصلة من انتشار ظاهرة زمور الضابطة (النجدة) وغيره الكثير من الأمور التي يجب معالجتها بسرعة وفق القوانين الناظمة.

وبالحديث عن حجم الكارثة اليوم، يمكن لكل من يعرف المنطقة وزارها منذ سنوات مضت ملاحظتها، ويمكننا القول هنا إن (دود الخل منه وفيه) فالتسيب الحاصل نتيجة الفساد المتراكم المبني على المصلحة الشخصية لا المصلحة العامة للبلد وقوانينها الأمنية والخدمية ومعاييرها السياحية التي لا وجود لها اليوم، فكيف لمنطقة سياحية درجة أولى يديرها أشخاص اليوم بقوة المال والتقارير؟ وإلى أين سيصل الحال بها بعد هذا التخريب الكبير الذي قضى اليوم على السياحة الداخلية وعلى الإيرادات فيها.

 

زمّور الضابطة الممنوع قانونياً

إذا كان الزمور بعد الساعة الثامنة ممنوع استخدامه إلا في الحالات الضرورية وفق قانون المرور السوري، فماذا إذاً عن زمّور الضابطة؟

انتشر خلال السنة الأخيرة في منطقة الشاطئ الأزرق، بشكل مرعب وكبير ودون أي رادع، استخدام زمور الضابطة (النجدة) الممنوع دولياً وقانونياً، فهناك عدد من السيارات المعروفة لمسؤولي المنطقة، إضافة إلى القطارات غير القانونية التي ازداد عددها هذا العام، يضعون زمور ضابطة بأصوات عالية جداً ليلاً ونهاراً، وقد اشتكى الأهالي من هذه الحالة ولكن لم يستجب أحد لمعالجة الموضوع، فهم يدفعون مقابل ذلك البقشيش اللازم للسكوت عنهم، إضافة إلى عرقلة السير من قبل القطارات التي تضع مكبّرات صوت عالية (بافلات)  ترافق زمور الضابطة وتنشط في الليل بكثافة دون أي رادع لها على قول المثل (قالوا لفرعون من فرعنك قال لهم لم أجد أحداً يردعني)! وهذا هو واقع الحال اليوم في المنطقة فالوضع أكثر من سيّئ، ولا حل لزمور الضابطة فهو في ازدياد ويتنامى استخدامه نتيجة عدم المساءلة، وعند معرفة أن هناك دورية قادمة للمنطقة أو مسؤول ما يتم إبلاغهم بذلك من قبل مَن يسكتون عنهم.

 

ظاهرة كازينو المحلات التجارية والإزعاجات الليلية

كما انتشرت أيضاً موسيقا الشارع بوضع (بافلات) ضخمة وكبيرة من قبل بعض المحلات التجارية التي يديرها مراهقون ويبثون أغاني بذيئة مزعجة جداً ومسيئة، ورفع الصوت وكأنه كازينو في وسط الشارع وخصوصاً في الليل، وهذا ممنوع قانونياً وهناك قانون صادر بمنع الإزعاجات،  فليس من حق أي شخص إقلاق راحة المواطنين وإجبارهم وإرهابهم سمعياً، إضافة إلى إزعاجات كبيرة تحدث بعد منتصف الليل من قبل المراهقين في بعض السيارات بوضع (بافلات) صوتية في سياراتهم وإزعاج الأهالي دون أي مساءلة، وبات بعض البيوت يبث الأذان وأغاني دينية في المنطقة دون أي ترخيص وخصوصاً وقت الفجر، وقد انتشرت هذه الظواهر بكثرة منذ سنة وأكثر وتزداد بشكل مرعب ولا يستطيع أحد التكلم أو الشكوى حتى لا يعرّض حياته للخطر في ظل هذه الفوضى وانعدام الأمان، ولمن يقول بأن ما نقوله ضرب من خيال يمكنه زيارة المنطقة بشكل مفاجئ دون إعلام أحد وسيرى الوضع المزري الذي يعيشه أهالي المنطقة والسياح الذين يغادرون منذ ثاني يوم باحثين عن مناطق أخرى يقضون فيها إجازتهم.

 

تأجير الشواطئ الشعبية وتمدّد المستأجرين

جرت العادة أن تُمنح رخص مؤقتة لإشغال الشواطئ من قبل مركز الشاطئ التابع لبلدية اللاذقية، لكن هذا العام جرى إلغاء تأجير المساحات الشاطئية العامة من قبل مركز الشاطئ ونقله للبلدية بشكل مباشر، لأنه يعتبر حصالة لجمع الأتاوات المالية لصالح جيوب البعض وليس للصالح العام، وما يحدث من سوء في تأجير الشواطئ وعدم الرقابة عليها سيئ جداً، فحسب القانون تُمنح رخص مؤقتة لمساحات لا تتعدى 4 أمتار مربعة بينما ما يحصل في الواقع هو التمدد والسيطرة على المساحات الشاطئية من قبل المستأجرين الذين يدفعون مقابل التجاوزات، والأسوأ من ذلك سيطرتهم على الشاطئ البحري المخصص للسباحة أيضاً وحرمان المواطنين من حقهم الطبيعي في السباحة إلا بحال حجزهم لطاولة بمبالغ مالية تعدّت 20 ألف ليرة سورية لطاولة وأربعة كراسي، ويمكن أن نلاحظ ذلك في كثير من الأماكن الشاطئية، فعلى سبيل المثال المنطقة الواقعة بين مطعم رينو والغولدن بيتش تم تأجيرها لفندق الغولدن بيتش وحرمان المواطنين من السباحة فيها أو دخولها إلا بحجز ودفع مبالغ كبيرة، وكذلك بالنسبة للنقابة وغيرها الكثير من الأماكن البحرية العامة التي هي من حق المواطن أن يسبح بها.

 

مقترحات ختامية

علاج واقع منطقة الشاطئ يكمن في اتخاذ قرار حقيقي من قبل محافظة اللاذقية وقيادة شرطتها إضافة إلى السياحة والبلدية، وفرض القانون بقوة على الجميع وليس إعطاء الحق لمن هم فوق القانون بممارسة ما يحلو لهم مقابل أن يدفعوا لبعض المتنفذين في المنطقة الذين لا يهمهم المصلحة العامة للبلد، وإجراء تغييرات حقيقية ووضع حد لكتاب التقارير، والتحقيق فيما يكتب بشكل صحيح، إضافة إلى إنعاش المنطقة بدوريات ليلية تضبط الإزعاجات وتحد من ظاهرة زمور الضابطة والصوت العالي الصادر من المحلات التجارية، وتنظيم عمل القطارات غير القانونية، وغيرها من الأمور الأخرى التي تعمل على تحقيق أمن المواطنين وراحتهم في المنطقة فليس منظراً حضارياً أن نرى تجمعاً لمراهقين يحملون سكاكين وأدوات حادة على خصورهم وغير ذلك الكثير والكثير.

 

العدد 1105 - 01/5/2024