ميخائيل غورباتشوف.. تحية جاءت بنتائج عكسية

بقلم الصحفي السويدي هانس أوهرن (Hans Öhrn):

أشاد أكثر من زعيم أوربي غربي بميخائيل غورباتشوف. لكن الأهم من ذلك كله، أن الإشادة بالرئيس الأول والأخير للاتحاد السوفيتي جاءت لأنه أنهى اضطهاد المعارضين السياسيين، ودافع عن حرية التعبير وهدم ما يسمى بالستار الحديدي.

لماذا إذاً يتوق القادة الغربيون إلى إعادة بنائه؟

لماذا إذاً هم حريصون للغاية الدفاع عن الرقابة على مختلف وسائل الإعلام؟

ولماذا يريدون اضطهاد المعارضين؟

أراد النجم السويدي يوناس جيريبكو (Jonas Jerebko)، الذي يتمتع بتاريخ طويل في المنتخب السويدي لكرة السلة، أراد اللعب مع أحد أفضل الفرق الأوربية CSKA موسكو. وقبل العرض الذي قدم له. لكن قبوله كلّفه خسران مكانه مع المنتخب الوطني وبدأ زملاؤه السابقون في كرة السلة شنّ حملة تشهير هائلة بجيريبكو، الذي لم يعد مرحّباً به الآن في المنتخب الوطني، وربما تم إبعاده من هناك مدى الحياة، أو على الأقل وقت المباريات.

فُرضت الرقابة على عدد لا يحصى من وسائل الإعلام الروسية في العديد من البلدان التي يشيد قادتها الآن بغورباتشوف باعتباره نصيراً لحرية التعبير. أثر هذا القرار من بين أمور أخرى، على القناة الإخبارية الروسية RT. وقد أيدت محكمة العدل الأوربية هذا القرار، وهي إحدى ركائز سيادة القانون، وفقاً للعديد من قادة الاتحاد الأوربي.

حتى أن الصحفية السويدية كايسا إيكيس إيكمان (KAJSA Ekis Ekman) قد طُردت من صحيفة ETC السويدية لتعبيرها في تغريدة فُسّرت على أنها تأييد لقناة RT.

بعد ذلك، طُردت كايسا إيكيس إكمان أيضاً من صحيفة سويدية أخرى، ربما بسبب تصريحاتها حول الحرب الروسية ضد أوكرانيا ووسائل الإعلام الروسية، على الرغم من أن ذلك تم لأسباب أخرى كما أعلن.

كان مصير الصحفية الألمانية ألينا ليب (Alina Lipp) أسوأ. لقد تم تجميد حساباتها المصرفية وتهديدها بالسجن ثلاث سنوات إذا عادت إلى وطنها. والسبب؟ أنها سألت في سياق عملها الصحفي على الأرض، الأوكرانيين العاديين عما يفكرون به حقاً بشأن الصراع مع روسيا. فضحت الإجابات، وصحافتها في كثير من الأحيان التقارير الكاذبة في الصحافة الألمانية السائدة، كانت ألينا مكروهة إلى حد ما من قبل المؤسسة السياسية الألمانية لدرجة أن هذه المؤسسة تريد الآن إرسال المنشقّة ألينا ليب إلى السجن.

في السويد وربما أيضاً في العديد من الدول الغربية الأخرى، أثيرت مطالب لحظر الثقافة الروسية بالكامل. هناك من يعتقد أنه لا ينبغي بث الموسيقا الروسية على الراديو بعد الآن. على الأقل إذا كان من الممكن ربط المؤلف بأي شكل من الأشكال بالرئيس بوتين.

الشخص الذي تأثر حقاً بموقف الغرب الثقافي هو قائد الأوركسترا الروسي الشهير فاليري جيرجيف (Valery Gergiev). فقد مُنع فاليري جيرجيف من الأداء في مهرجان براغ Dvořák، حيث كان من المقرر أن يعزف مع أوركسترا ميونيخ. امتد المنع الى قاعة كارنيجي في نيويورك للسبب نفسه. وطالبت أوبرا لا سكالا ورئيس بلدية ميلانو جوزيبي سالا من جيرجيف التخلي العلني عن موقفه من الصراع الروسي الأوكراني. رفض جيرجيف الانصياع لمثل هذه المطالب ومُنع من الأداء. دفع ذلك زميلته، مغنية الأوبرا الأسطورية آنا نيتريبكو (Anna Netrebko)، إلى الكتابة على صفحتها على فيسبوك:

(… إجبار الفنانين والشخصيات العامة على التعبير علناً عن آرائهم السياسية وإدانة وطنهم أمر غير مقبول! يجب أن يكون اختياراً حراً لكل منهم. وأنا، مثل العديد من زملائي، لست سياسية. أنا موسيقي وهدفي هو الجمع بين الناس والتغلب على جميع الاختلافات السياسية).

ثم اختارت نيتريبكو طواعية إلغاء مشاركتها في لاسكالا.

(الصلاة العامة) المطلوبة الآن من العاملين في المجال الثقافي في العديد من الدول الغربية ترتبط غالباً بزعيم روسي آخر، قبل غورباتشوف بوقت طويل: جوزيف ستالين.

لذلك، يجب على القادة الغربيين الذين يتغنون بمدح غورباتشوف أن ينظروا إلى أنفسهم في المرآة. سيرون هناك شريرا،ً مجرماً يمارس كل الأشياء التي يقولون إن غورباتشوف ألغاها.

 

نقلها للعربية بتصرّف: طلال الإمام

العدد 1105 - 01/5/2024