الكتاب الورقي لم ينقرض

أحمد ديركي:

تفقل المكتبات أبوابها، وتحلّ مكانها محلات لبيع المأكولات السريعة أو المقاهي أو محلات لبيع الملابس، أو كل ما يمكن أن تشتهيه النفس البشرية.

وعند التحدث مع أي شخص حول سبب إقفال المكتبات أبوابها، تكون الإجابة سهلة جداً ومن دون أي نوع من التردد يقول لك: الإنترنيت والكتب متاحة مجاناً عليها! وإن لم تكن الإجابة على هذا النحو، فما الحاجة إلى القراءة!

نعم، هذا صحيح، فمعظم الكتب متاحة مجاناً على مواقع الإنترنت، وبخاصة أن أنظمتنا العربية ما زالت تمنع وتقمع دخول كثير من الكتب الورقية إليها، بينما هي متوافرة على المواقع لكل من يشاء الاطلاع عليها! يا لذكاء أنظمتنا في منع هذا الأمر!

أما بالنسبة إلى أنه لم يعد هناك من حاجة للقراءة، فهذا أيضاً أمر طبيعي. فأنظمة التعليم في العالم العربي تعمل على أن يبغض الطلاب القراءة، حتى في المراحل الجامعية والدراسات العليا. إذ يبدو أن المطلوب أن تكره العلم والقراءة معاً، وكل ما يجب عليك فعله كـ(متعلم) أن تحفظ عن ظهر قلب وتنجح في الامتحانات وتدخل إلى سوق العمل، إن وجدت عملاً.

لذا تقفل المكتبات أبوابها، طبعاً ودور النشر، وتحلّ مكانها محلات ما تشاء.

إنّه فعلاً لأمر غريب أن يترافق النظام التعليمي بمنهجه التكريهي للقراءة مع وجود الإنترنت وانتشاره! صحيح أن الكتب متوفرة على الإنترنت لكن يبقى السؤال: من يقرؤها؟ نسبة ضئيلة جداً! إضافة إلى هذا ليتوفر الكتاب على الإنترنت لا بد أن يُطبع ورقياً أوّلاً وأن يكون هناك مؤلف، أو كاتب، وكل المستلزمات الاخرى لإصدار الكتاب. أي لا بد من توافر شروط النشر ليتوفر الكتاب على الإنترنت. وعند توفره لا يمكن الحصول عليه بسهولة لأن الكتاب جديد، ويمكن شراؤه عن طريق الإنترنت لا قراءته!

وما هذا إلا دليل على أن القراءة خارج فكر المجتمعات العربية الغارقة في الاستهلاك لا الإنتاج. فلو كان صحيحاً أن عالم الكتب الورقية على طريق الانقراض، لما كنا نشهد في العالم هذا الكم الهائل من إنتاج الكتب الورقية. لكن للأسف كل ما ينتجه العالم العربي من كتب لا يساوي نصف ما تنتجه إسبانيا من كتب!

الكتاب الورقي لم ينقرض بل الذي انقرض الإنتاج الفكري عند العرب.

 

العدد 1104 - 24/4/2024