هل يكمّ قانون الجريمة الإلكترونية الأفواه؟ (حكم العدالة) يتدخّل! 

سليمان أمين:

المسلسل الإذاعي السوري الشهير (حكم العدالة) –المستمر منذ زمن الأب المؤلف (هائل اليوسفي) إلى زمن الابن (منيب اليوسفي)- لم يقدّم أية حلقة خاصة بالجرائم الإلكترونية أو المعلوماتية، كما يحلو لوزير الاتصالات تسميتها، فالمساعد (جميل) –في زمن الأب- لم يسمع طبعاً بتلك الجرائم، نظراً لعدم وجود الكمبيوتر أصلاً، واليوم رغم تطور علوم الكمبيوتر والاتصالات ووسائل التواصل وما شابه، فالمساعد المذكور لن يتطرق إلى تلك الجرائم في زمن الابن، ذلك أنها لا تناسب بُنيان المسلسل، الذي ينتظره الكثير من المستمعين كل ثلاثاء، بشغف كبير.

 لا تشويق فيها ولا إثارة

فالجريمة المعلوماتية لا تشويق فيها ولا إثارة، ولا حق واضحاً فيها ولا باطل، بل لا أركان قانونية واضحة للجريمة فيها كأركان الجرائم التي أَلِفها الناس، وبالتالي فهذا النوع من (الجرائم) لا يصلح لبناء قصة درامية تناسب اهتمامات جل المستمعين، ولا يرضي رغبة مؤلف المسلسل في إظهار براعة المحققين والمحامين في اكتشاف الجريمة وتفاصيلها، وبراءة المتهمين أو عدم براءتهم منها، فهي تحدث عبر أداة واحدة محددة هي جهاز الكمبيوتر أو الهاتف المحمول، أما اكتشافها فهو أوتوماتيكي وسهل للغاية، إلا في حالات معينة، لا باع حتى لوزير الاتصالات في كشفها، وهو واقع الحال هذه الأيام، فمنذ سَنِّ قانون الجريمة الإلكترونية عام 2012، يرى كثير من   المحامين المتخصصين بأنواع الجرائم في البلد، (أن البلد غير ملمّ) بعد بما يسمى بالجرائم الإلكترونية، وعادةً –والكلام لبعض المحامين- ما يلبي القضاء في الدعاوى المرفوعة ضد المواطنين رغبة المدّعين، خاصةً حين يكون هؤلاء مسؤولين رسميين، ولا أدلّ على ذلك مما طرح من تعديلات على القانون المذكور مؤخراً، تحمي الموظفين المسؤولين بشكل خاص، وتعطيهم الأولوية في كيل الادعاءات وكسب الدعاوى.

وزير الاتصالات: القانون لا يكم الأفواه 

وخلاصة الأمر أن وزير الاتصالات والتقانة المهندس إياد الخطيب صرّح للصحافيين مؤخراً بأن (وزارة الاتصالات هي المعنية بقانون الجريمة المعلوماتية، متابعاً القول (نحن في عصر الانترنت وكان لا بد من تعديل القانون الذي صدر عام 2012، وأؤكد أن القانون لن يكم الأفواه، وبالتأكيد من سينشر معلومة خاطئة سيحاسب).

وكان قانون الجريمة المعلوماتية وتعديلاته المنتظرة، الذي أعدّته وزارة الاتصالات، قد أثار جدلاً واسعاً في أوساط المواطنين، لا سيما المواد المتعلقة بـ (النيل من هيبة الدولة) أو من هيبة الموظف العام، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي.

(حكم العدالة): القانون يكمّ الأفواه 

وحول هذا الموضوع صرّح أستاذ القانون، ومؤلف مسلسل (حكم العدالة) –حالياً- المحامي الخبير منيب هائل اليوسفي، لإحدى وسائل الاعلام قائلاً: (هذه المادة المثيرة للجدل أعطت النائب العام الحرية في تحريك دعوى الحق العام دون وجود متضرر، وهذا يعني كمّاً للأفواه وأنه ممنوع لأي شخص إبداء رأيه، وهذا يخالف أحكام الدستور السوري، لأن المادة 42 منه تنص أن لكل مواطن سوري الحق في أن يعبر عن رأيه بحرية وعلانية بالقول أو بالكتابة أو بوسائل التعبير كافة، وهنا أتساءل –والكلام للمحامي اليوسفي- إن انتقد المواطن أداء الحكومة أو مسؤول يكون قد نال من هيبة الدولة، وعندما يعد مسؤول في هذه الدولة المواطن بشيء ولا يفي به، ألا يكون نال من هيبة الدولة؟).

وختاماً، فنحن لا نعتقد أن وزارة الاتصالات هي المعنية الوحيدة بقانون الجريمة المعلوماتية، وإنما تضاف إليها شريحة ضخمة من المسؤولين (أشخاص مسؤولين) في مؤسسات الدولة ودوائرها تحديداً.

العدد 1105 - 01/5/2024