وزير الزراعة بعد زيارة سوق جملة بغداد.. ماذا عن سوق جملتنا؟! 

سليمان أمين:

بعد زيارة وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا سوق الجملة في منطقة الرشيد ببغداد (للاطلاع على واقع تسويق الحمضيات السورية إلى العراق، والتحديات والمشاكل والمعوقات التي تواجهها).. نسأل بكل حرص:

ماذا عن سوق جملتنا؟ 

وقد كنا، وما زلنا، ننتظر زيارة وزير الزراعة إلى أسواق جملتنا للاطلاع على واقع تسويق الحمضيات السورية في الأسواق السورية، فثمة في سورية أيضاً من يشتري الحمضيات ويستهلكها، ولو أن الفائض من تصديرها بالعملة الصعبة، قد ترك لنا أنواعاً غير سارّة منها، بعملتنا الأكثر صعوبة…

خضار وفواكه موسمية تتحول من ضرورية إلى كمالية

وإلى جانب الحمضيات، وكلامنا لوزير الزراعة، يحتوي سوق جملتنا على أنواع البطاطا التي يعرفها جميع المستهلكين، ولكن لم يعد بوسعهم جميعاً شراء تلك البطاطا، بسبب بلوغ أسعارها درجات متقدمة في مقياس (ريختر) السوريين: (2500 ل. س للكيلو الواحد)، فضلاً عن الأسعار المزلزِلة للبندورة الشاحبة مخطوفة اللون: (3500 ل. س للكيلو الواحد)، وحتى القرنبيط (الزهرة)، التي تزيّن الحقول الخضراء ببياضها الثلجي الناصع، لم تعد تزيّن موائدنا الشتوية المتواضعة، بعد أن اقترب سعر الكيلو منها من 2000 ل. س، مع الإشارة إلى أن وزنها الثقيل يكبّد العائلة مبلغ آلاف الليرات، وذلك قبل أن تُطهى بأي زيت، مدعوم أو غير مدعوم، نظامي أو من على بسطات سلع مساعدات (الأمم المتّحدة)، المتّخِذة من شوارعنا أجنحة عرض مجانية لبضائع (إنسانية)، مسعّرة بأسعار السوق السوداء، لا يراها المعوزون ولا وزراؤنا المعنيون وهم في طريقهم من البيت إلى الوزارة ومن الوزارة إلى البيت!

ولن نعطي وزير الزراعة أمثلة أكثر، لا عن ذلك التفاح الذابل المرضوض، الذي إذا تناول أحدنا حبتين منه، يسكر رغم سعره الذي يُنطّط الجنين من رحم أمه، والجنّي من قمقمه، نزولاً إلى الفجل الذي بات سعر الكيلو منه ينافس تفاح السويداء أو جبل الشيخ وسرغايا والزبداني!

مطاعم فرّوج وشاورما سرّية!

لم نخرج بعد من اختصاص وزير الزراعة ومهام وزارته، وما نعرفه أن خيرة خبراء الدواجن في القطر قد قدّموا للزراعة عدة مطالب وحلول لإنهاء أزمة الفرّوج وارتفاع أسعاره، ولكن لا حياة لمن تنادي، في الوقت الذي لا حراك فيه ولا نقنقة مسموعة للدجاج كالتي كنا نسمعها من قبل، فآلاف الصيصان فارقت الحياة، بينما بيع باقي الدجاج، الذي يكبرها سنّاً، منتوف الريش بأسعار باهظة، ولم يجد قدرة شرائية سوى عند (المريّشين) من المستهلكين، فأصبح ذلك الدجاج حكراً عليهم، ولا سيما دجاج المطاعم والشاورما، فبدت تلك المطاعم وكأنها سرية، بسبب ندرة زبائنها وانسحاب مأكولاتها الشهية إلى الداخل بعيداً عن عيون الناس وأنوفهم، فيما فضّل الكثير من المغرومين بالشاورما تناول لفافاتها بعيداً عن عيون المفجوعين بها، ملتجئين إلى الأزقة المعتمة، وملتفتين يمنةً ويسرةً وإلى الخلف وهم يأكلون!

وبناءً على ما تقدم، فبوسعنا سؤال وزير الزراعة: هل سأل خلال زيارته لبغداد عن أسعار أعلاف الدجاج فيها؟ ذلك أنه بالإمكان مقايضة الفائض الضخم من حمضياتنا بعلف لدجاجنا، ما عاد يُزرع في سهولنا.. أم أن دجاجنا تُرك ليواجه مصيراً مشتركاً مع نحلنا المهاجر؟

ثروة العسل السوري ضحية قلة المرعى وحبوب الطلع

شهدت محافظة درعا، مؤخراً، موتاً وهجرة لطوائف النحل في منطقتي نوى وخربة غزالة، في ظاهرة تعتبر الأولى من نوعها، وذلك بسبب قلة المرعى والافتقار إلى تنوع مصادر حبوب الطلع، وسوريا عانت مؤخراً من تراجع في إنتاج العسل، بسبب غياب السياسات الزراعية، ما جعل أسعاره تتضاعف إلى عدة أضعاف ويصل سعر الكيلو العادي منه إلى حوالي 50 ألف ل. س.

ماذا سنأكل غداً؟

سؤال يبدو غريباً، سبق أن وجهه المواطنون لوزير التجارة الداخلية، فعرض كل ما بيده، بل كل ما أُسقط في يده، حيث فوضى الخبز والأرز والسكّر والزيت واللحوم.. والعدس المجروش (الأحمر) الذي سجل 8000 ل.س للكيلو الواحد في دمشق مع غياب كامل للرقابة الحكومية.

واليوم يسأل المواطنون وزير الزراعة، فلربما يدلّهم حسب اختصاصه على منتجات زراعية غذائية رخيصة وغير معروفة، تتركهم على قيد الحياة، مع رجاء السماح لهم بتناولها مباشرةً من الحقول، دون مرورها على أسواق الجملة!

العدد 1105 - 01/5/2024