بوتين ومحمد بن سلمان يعلنان انتهاء الدولار

المحلل السياسي ألكسندر نازاروف:

أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن تنفيذ مجموعة من الإجراءات لتحويل مدفوعات الغاز الطبيعي الروسي للدول المعادية بالروبل الروسي (في أقصر وقت ممكن، ورفض أيّ عملات فقدت مصداقيتها).

كنا جميعا ننتظر، في أعماق قلوبنا، أن يأتي ذلك اليوم الذي تنتهي فيه حقبة الدولار.

أعتقد أن تلك ليست سوى بداية لنقل الصادرات الروسية إلى الروبل الروسي. وكخطوة تالية، فسيتم على الأرجح تحويل تصدير جميع السلع الروسية، التي لا غنى عنها في السوق العالمية، مثل القمح والنيكل واليورانيوم والأسمدة، إلى التسوية بالروبل.

تلك، بطبيعة الحال، بمثابة أقوى ضربة لنظام الدولار.

وسيوجّه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ضربة قوية مماثلة، إذا ما تحولت المملكة العربية السعودية حقّاً إلى اليوان الصيني في تسويتها مع الصين، إذا ما صحّت التقارير بشأن هذه النوايا. وسوف يدخل هذا القرار اليوان أيضاً في تسوية ليس فقط تجارة النفط، وإنما كل التجارة مع الصين. من حيث المبدأ، يمكن للمملكة العربية السعودية أن تكرر خطوة بوتين، وتبدأ في بيع نفطها بالريال السعودي، وبذلك لن تحتاج إلى اليوان وستصبح عملتها على الأقل، عملة إقليمية.

وكما هو مطبّق على الحكومات العربية، يعني قرار الرئيس بوتين أنه لن يصبح أمامها خيار سوى مقاومة ضغط الولايات المتحدة الأمريكية، والبقاء محايدة على الأقل تجاه روسيا. على أي حال، سوف تحافظ على العلاقات الاقتصادية مع روسيا.

أما بالنسبة لأوربا والغرب ككل، وما يسمى بالدول غير الصديقة، فإنهم أمام مشكلة تقنية أولى عملاقة، ثم مشكلة سياسية.

فلا يمكن لأوربا أن ترفض الغاز الروسي، وإلا فسيعني ذلك انهيار اقتصادها. في الوقت نفسه، تتمتع روسيا بميزان تجاري إيجابي بشكل عام مع العالم كله، وخاصة مع أوربا والولايات المتحدة الأمريكية. أي أنها تبيع أكثر مما تشتري، بمعنى أن أوربا لا تمتلك احتياطياً من الروبلات، وعلى الأرجح لن يكون الروبل الموجود كافياً لدفع ثمن موارد الطاقة الروسية. خاصة إذا ما تم تحويل جميع الصادرات الروسية إلى الروبل. تبقى هناك طريقتان فحسب أمام أوربا لمواصلة شراء الغاز الروسي بالكميات المطلوبة:

  • الطريقة الأولى: طلب قرض من بوتين بالروبل، والاستمرار في طلب قروض جديدة لسنوات عدة وربما لعقود.
  • الطريقة الثانية: تحويل كل تجارتها مع روسيا إلى الروبل، إضافة إلى جزء من تجارتها مع الدول الثالثة أيضاً على الروبل.

علاوة على ذلك، فمن أجل الحصول على الغاز الروسي، في المراحل المبكرة، سيكون على أوربا، على أي حال، أن تطلب من روسيا قرضاً، حتى تصبح التسويات بالروبل هي القاعدة بالنسبة لأوربا.. وبطبيعة الحال، فإن مصير الاحتياطيات الروسية المجمدة سيكون إحدى القضايا المطروحة في المفاوضات على مثل هذا القرض. بل إن بإمكان بوتين أن يذهب أبعد من ذلك لإذلال أوربا إذا ما اشترط أن تكون البنوك الوسيطة للتجارة هي البنوك الروسية التي تخضع للعقوبات.

لا أعرف كيف تتصرف الدول العربية في مثل تلك الظروف، إلا أنها الطريقة المعتادة لدينا نحن الروس لتعليم القطة عدم التبول في أرجاء المنزل. أن تأتي بها وتدسّ أنفها فيما أقدمت عليه. وأخشى أن ما سيفعله بوتين بأوربا يشبه هذا الإجراء بالتحديد، وهو ما سيستمر لفترة طويلة.

 

العدد 1105 - 01/5/2024