ما حصص روسيا وقطر في سوق الغاز العالمية؟

في ظل التوتر بين موسكو وواشنطن حول أوكرانيا، تنظر أوربا في سيناريوهات محتملة لانقطاع إمدادات الغاز الروسي إذا فُرضت عقوبات على موسكو، رغم تأكيد الأخيرة أنها مورّد موثوق للغاز.

وفي إطار البحث عن بدائل للغاز الروسي تتوجه الأنظار إلى دول مثل قطر وأستراليا المصدرين الكبيرين للغاز المسال في العالم، ويتساءل الخبراء: هل من الممكن الاستعاضة عن الغاز الروسي في أوربا؟

وكشف تقرير أعدته وكالة (بلومبرغ) أن دول الشرق الأوسط بما فيها قطر، لن تكون قادرة على تعويض إمدادات الغاز الروسي إلى أوربا بشكل كامل في حال انقطاع هذه الإمدادات، أو شحّها.

وأفاد تقرير أعده الكاتبان آنا شيريايفسكايا وإيزيس ألميدا بأن دول الشرق الأوسط لن تتمكن من تعويض إمدادات الغاز الروسي إلى أوربا بشكل كامل، في حال رفض الاتحاد الأوربي الوقود الأزرق الروسي.

وقال الكاتبان إن دولاً غنية بالغاز من أذربيجان إلى قطر وعدت بتزويد الاتحاد الأوربي على وجه السرعة بالغاز، لكنها سرعان ما اكتشفت أنها لن تكون قادرة على استبدال المصدر الرئيسي، روسيا.

وعن طريقة (جنونية) لتلبية الطلب الأوربي على الغاز، قال رون سميث كبير المحللين في BCS Global Markets: (أوربا ليس لديها بديل عن الغاز الروسي. سيكون على (منتجي الغاز الآخرين) إعادة توجيه نصف الغاز الطبيعي المسال الذي تستهلكه آسيا إلى أوربا، وذلك للوصول إلى مستوى إمدادات شركة (غازبروم) الروسية إلى القارة العجوز).

وأضاف إن خطوة مثل هذه ستؤدي إلى نقص حاد في الوقود واندلاع أزمة طاقة في جميع أنحاء القارة الآسيوية، وهي نقطة أكدها كذلك المحلل السياسي الروسي ألكسندر نازاروف، وقال إن استبدال الغاز الروسي ليس بالمهمة السهلة، إذ إن روسيا توفر قرابة 40% من واردات أوربا من الغاز، ففي 9 أشهر من عام 2021، قدمت شركة (غازبروم) الروسية 51% من الغاز الذي استوردته أوربا.. بالنسبة لأوربا، ستكون هذه كارثة اقتصادية.

وأضاف نازاروف، إن وقف إمدادات الغاز الروسي إلى أوربا سيخلق عجزاً هائلاً في سوق الغاز العالمية، وسيؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز عدة مرات، إن لم يكن عشرات المرات.

 

صادرات روسيا وقطر من الغاز الطبيعي

تشير بيانات شركة (غازبروم) الروسية إلى أن صادراتها من الغاز الطبيعي إلى الدول الأوربية باستثناء تركيا وصربيا بلغت في 2020 قرابة 157 مليار متر مكعب، وأبرز الدول الأوربية المستوردة كانت دول أوربا الغربية.

فيما أظهرت بيانات موقع (ستاتيستا) أن صادرات قطر ككل بلغت في عام 2020 نحو 128 مليار متر مكعب من الغاز، منها 21.8 صادرات عبر الأنابيب و106.1 صادرات غاز طبيعي مسال.

وشكلت حصة السوق الآسيوية قرابة 65% من إجمالي صادرات الغاز المسال القطري، فيما بلغت حصة السوق الأوربية نحو 20%.

وعند إجراء مقارنة يظهر بشكل واضح أن قطر ستضطر إلى توجيه إجمالي صادراتها من الغاز المسال إلى أوربا في محاولة لتعويض الغاز الروسي، أي أنها ستضطر للتخلي عن السوق الآسيوية الواعدة.

ويقول المحلل السياسي الروسي ألكسندر نازاروف في هذا الصدد: (كل الغاز القطري لا يكفي للتعويض الكامل عن الإمدادات الروسية إلى أوربا، وحتى تعويض 40 مليار متر مكعب من الغاز المتدفق حالياً عبر أوكرانيا، فهي خطوة سياسية غير عادية، ستغرق العديد من المشترين الحاليين للغاز القطري في أزمة).

 

استراتيجية روسيا للطاقة حتى 2035

وافق رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين في منتصف العام على استراتيجية الطاقة لروسيا حتى العام 2035، وتتضمن الخطة أكثر من 130 إجراء.

وفي إطار الاستراتيجية تخطط روسيا لتصبح من الدول الرائدة عالمياً في إنتاج الغاز المسال، وتسعى لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2035 إلى 140 مليون طن.

وفيما يتعلق بالغاز الطبيعي تتوقع وزارة الطاقة الروسية إن يكون إنتاج روسيا من الغاز الطبيعي بحلول عام 2025 في نطاق 775-883 مليار متر مكعب، على أن يصل الإنتاج إلى 838 – 1048 مليار متر مكعب بحلول عام 2035.

 

خطط قطر المستقبلية في مجال الغاز

تسعى شركة (قطر للطاقة) لتعزيز مكانتها كأحد أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال في العالم، وفي هذا الصدد وقعت الشركة، بحسب تقرير لصحيفة (الشرق) القطرية، اتفاقات لبناء أكثر من مئة ناقلة جديدة للغاز، بقيمة مئة مليار دولار، كما وقعت عقداً للمرحلة الأولى من مشروعها لتوسعة حقل الشمال التي سترفع إنتاج قطر من الغاز الطبيعي المسال إلى 110 ملايين طن سنوياً بحلول عام 2025.

وفي شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي قالت شركة قطر غاز إنها بدأت تشييد 4 خطوط إنتاج كبيرة للغاز الطبيعي المسال سترفع طاقتها الإنتاجية السنوية من 77 مليون طن حاليا إلى 110 ملايين طن. وذكرت الشركة أن تلك الخطوة تأتي ضمن خطة قطر للمحافظة على موقعها كأكبر منتج ومصدر للغاز المسال في العالم.

 

الموقف الروسي

في الأشهر الأخير تحدثت وسائل إعلام غربية بشكل متزايد عن أن روسيا تستعد لـ(هجوم على أوكرانيا)، ما سيؤدي إلى انقطاع إمدادات الغاز الروسي إلى أوربا، من جهتها نفت موسكو هذه المزاعم، وقال سيرغي ناريشكين (مدير المخابرات الخارجية الروسية) إن المسائل المتعلقة بـ(الهجوم) هي دعاية خبيثة من قبل وزارة الخارجية الأمريكية. وأكد وزير الخارجية سيرغي لافروف أن روسيا لا تهدّد الشعب الأوكراني.

(بلومبيرغ)

العدد 1105 - 01/5/2024