عدم توريث البنات بين راضية ومجبرة!

ريم سويقات:

هل يعدّ التنازل طواعيةً عن ميراث الإناث لإخوتهم الذكور أمراً طوعياً حقاً؟ وعند الجميع؟

أم أن هناك من لا ترغب بذلك ولا تستطيع أن تقول: لا، إن ذلك من حقي؟! خاصةً بعد أن أصبح عمل المرأة مقبولاً اجتماعياً، وبعد أن أصبح تحمّلها للمسؤولية مناصفةً مع الرجل مطلباً عصرياً.. في الوقت الذي ما زالت تطفو فيه العادات والتقاليد وتفرض سطوتها على أهل بعض المناطق في محافظة طرطوس، وهذه العادات هي من أهم أسباب حرمان المرأة من الميراث.

 

الميراث نأخذه بشقّ النفس!

  • أم أحمد، البالغة من العمر ٣٥ عاماً، والتي تعمل مزارعة وربة منزل لثلاثة أطفال، سألناها ما إن كانت حصلت على ميراثها بعد وفاة والدها، فأجابت قائلة: (بصراحة عندما توفي والدي طلب منا إخوتي الذكور أن نتنازل، أنا وأختي، عن حصتنا من الورثة التي تركها لنا أبي، وذلك بحكم العادات لدينا، ولكني لم أتنازل وحصلت على حصتي ولكن بشقّ النفس، وبعد خلافات عديدة انتهت بقطع صلتهم بي، بالقانون لا يستطيعون أن يتخذوا أي إجراء ضدي. بتلك الحصة استطعت شراء سريرين لأطفالي، وسددت دين زوجي، هل كنت سأُراكم الديون باستدانتي من إخوتي وأنا لي حصة؟ بالطبع لا!).

 

طيبةُ قلبٍ زائدة!

عند سؤال سناء البالغة من العمر ٢٥ عاماً، وهي ممرضة في أحد أرياف طرطوس، عن حصة قد أخذتها بعد وفاة والدها، قالت مستغربة وكأنه سؤال غريب عجيب ومن البديهيات: (لا، بالطبع، ولماذا آخذ الميراث؟ ورثتي هي ورثة زوجي مستقبلاً، وأنا سبق أن تنازلت عن حصتي لإخوتي الشباب، فهم أولى بها، سوف تسند حصتي فقر حالهم قليلاً – حماهم الله – هذه عاداتنا وتقاليدنا في النهاية).

ولمعرفة آثار العادات والتقاليد الاجتماعية على ميراث المرأة ، يقول الدكتور رياض العاسمي (مختص في الإرشاد والعلاج النفسي): عندما نقول إن المجتمع يرفض تقديم حق للمرأة، فإنه بذلك يكون قد هدم لبنة من البناء الاجتماعي المتمثل في التعاون والألفة، وعندما يغتصب هذا المجتمع الذكوري حقوق المرأة فإنه بذلك ينظر إليها نظرة دونية، ولم يعتبرها أنها تشاكله وتماثله على المستوى الإنساني، وينظر إليها على أنها ناقصة عقل لا تستطيع أن تتصرف بأملاكها، ما يؤدي إلى فوضى مجتمعية وهي فوضى ناتجة عن التوزيع غير العادل للميراث في المجتمع.

العادات والتقاليد البالية في بعض المجتمعات تنظر إلى المرأة على أنها هامشية وضعيفة ويجب أن تبقى تابعة اقتصادياً لمعيلها، تلك العادات تعلمها فقط: هذا أخوك وذاك قريبك.. فتعطيه الإرث.

 

ورثة زائدة!

يعتقد بعضهم أن مسؤوليات المرأة وتقاسمها أعباء الحياة مع الرجل تستدعي أن تحصل على حقها مناصفة مع الرجل، وأن يكون نصيبها من الإرث كنصيب الذكر تقول ريم: (مع احترامي طبعاً لقانون الميراث، ولكنني أتساءل لماذا يأخذ الرجل ضعفي المرأة؟

هل هو بسبب التزاماته أم لأنه رجل فقط؟

وكأن الأمر هو عندما تخلق ذكراً تحصل على ورثة زائدة!).

إذا كانت العادات والتقاليد تقف حصناً منيعاً أمام حق معظم النساء من الميراث، فإن دحر تلك العادات يكون واجباً على المعنيين في سبيل تحقيق العدالة وإنصاف المرأة، ولا سيما في هذا الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه البلاد، لعل حصتها من الميراث ترمم وضعها المعيشي قليلاً.

دام عزّكم، أيّها السادة، ما رأيكم؟

العدد 1104 - 24/4/2024