الدعم الإعلامي.. تسويق بقصد إلغاء دوره

السويداء-معين حمد العماطوري:

يعتبر الإعلام واحداً من أهم متطلبات الحضارة العصرية المعلوماتية بغية نشر ثقافة المحتوى بتنوعه في القطاعات كافة التنموية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وتأمين عنصر الجذب المناسب لتسويق المعلومة والمنتج، هذا في حال كان المنتج مادياً اما إذا كان دعائياً فالإعلان هو الطريقة التسويقية العالمية والتاريخية المعتمدة.

الأمر بما فيه أنه مؤخراً شكلت لجنة أطلق عليه لجنة الدعم الإعلامي، وهذه اللجنة للأسف تخلو من عنصر الإعلام عدا أحد أفرادها بحكم المنصب الإعلامي، ولعل السبب المتحكم لذلك هو الدافع للسؤال لماذا؟

ومن المعروف أن الإعلام هو جسر البناء في العلاقة بين المواطن والحكومة، ويتم تسويق منتوجاتها من قراراتها عبر وسائله المتعددة، وبالتالي إخضاع الإعلام لما تريده، يعني شيء لا يحمد عقباه!!؟ والإعلام سواء أكان مرئياً أو مسموعاً أو مقروءاً أو إلكترونياً يكون في خدمة الوطن والأهداف الوطنية، أما دفع العديد من المؤسسات الرسمية الخدمية منها والإدارية بعدم الإدلاء بأي تصريح إعلامي إلا بعد خوض غمار البيروقراطية، واتخاذ الإجراءات الإدارية المعقدة التي من شأنها إبعاد الإعلام عن أداء واجبه في نشر الحقائق والوقائع بتاريخها الواقعي، وبدل أن يكون الخبر خلال ساعات لكسب المصداقية ومواكبة الحدث وهذا ليس مهماً في العرف البيروقراطي، فلماذا لا يكون خلال أسابيع ولتضرب عرض الحائط جميع المفاهيم العلمية الإعلامية في سرعة نشر الخبر وتحقيق السبق الصحفي المعهود، مقابل تسويق أداء الحكومة وما تريده وفق مزاجيتها الخاصة.

ربما لم يعد خافياً أن الواقع المتردي في الأداء الاقتصادي وانعكاسه على الحياة المعيشية اليومية، جعلها تحاول إقامة علاقة بتهيئة قراراتها بين فئات المجتمع كي لا يكون وقع ما تجنيه وتحاول تدمير الباقي المتبقي من العلاقة بينها وبين المواطن ولو بالحد الأدنى من الاعتراف بها، فهي تسعى لتهيئة المفاهيم ومضامين القرارات المتضمنة بلا شك الإجحاف بحق المواطن والقضاء على آخر نفس له يتنشقه من هواء وطنه مجاناً دون ان يدفع ضريبته لها.

وبالتالي جاء تشكيل لجنة الدعم الإعلامي بقصد الاعتراف بما تقوم به، من خلال الإعلام ووضعه في خانة الاتهام والفساد والإفساد التي تثبت يوماً بعد يوم مرتكزاته في الأداء الواضح وما يعانيه المواطن من شظف العيش.

مع أن الحكومة تحاول تسويق عواطفها الجياشة ودموعها عبر وسائل الإعلام معلنة وقوفها إلى جانب المواطن في معيشته، وباليوم التالي ترفع عليه الأسعار كما تريد بحجة الدعم، فهذه دموع التماسيح كما هو معروف.

المهم ما في الامر إذا كان عمل الإعلام هو تاريخ اللحظة بالواقع ونقل الحقائق وكشف الانحرافات والانحدار في الأداء، وهو الجهة المساعدة للجهات الرقابية الرسمية، فما الهدف من لجنة الدعم الإعلامي؟

أليس كلمة حق يراد بها باطل في الاكتفاء بحصر دور الإعلام في التسويق لقرارات والمعلومات التي تسمح بنشرها فقط؟!

إذا كان هدف الإعلام التسويق والتزمير والتطبيل لذلك، لماذا لا يتم الاستعانة بنقابة الفنانين بدلاً من الإعلام وإلغائه؟

وإذا كان الإعلام عبر تاريخه الطويل قد أرخ ودوّن ووثّق وساهم بنشر المعارف والعلوم وكان العنصر الأهم في التنمية، بات للتسويق فقط، فهذا تحطيم لجميع الدراسات والبحوث والنظريات الإعلامية الحديثة وتفريغه من مضمونه ورسالته وأهدافه؟

والأهم إذا كانت لجنة الدعم الإعلامي تخلو من الإعلاميين، فما هو عمل اتحاد الصحفيين ووزارة الإعلام إذاً؟

أخيراً يبدو أن القرارات الارتجالية تعمل على تفتيت البنية التركيبية في بناء العلاقة بين المجتمع ووسائل الإعلام بتنوعها الخاص والعام، ولعمري ذلك يقف أمام قانون الإعلام في توفير المعلومة للصحفي وعدم حبسه، وتوثيق اللحظة وإظهار مكامن الفساد وكشفه، ليكون ذوا تعابير جوفاء، وبالتالي فإن لجنة الدعم الإعلامي جاءت لإلغاء دور الإعلام والاكتفاء بالبيروقراطية المتبعة التي هي الجزء الأهم في منظومة الفساد الإداري، ودمتم بسلامة وعافية.

العدد 1105 - 01/5/2024