سيناريوهات جديدة.. لا لبقاء الاحتلال ومناطق النفوذ!

كتب رئيس التحرير:

أصبح الحديث عن سيناريوهات جديدة لحل الأزمة السورية هو الشغل الشاغل للكثير من المحللين في الخارج والداخل، ويدلل هؤلاء على صحة تحليلاتهم بمؤشرات عدة، أهمها زيارة بيدرسون الأخيرة لدمشق، ومحادثات الرئيس الأسد في موسكو مع الرئيس بوتين، ولقاء جنيف بين ممثلي روسيا وأمريكا حول المسألة السورية، ولقاء أردوغان في سوتشي مع الرئيس الروسي.. كذلك يتمسك هؤلاء بما يسمّونه (سلفة) أمريكية تم تقديمها بطريقة (مواربة) عبر الموافقة على استثناء تسهيلات تزويد لبنان بالغاز والكهرباء عن طريق سورية من بنود قانون (قيصر)، وما يوحي به هذا الاستثناء من تغيير ما في السلوك الأمريكي تجاه سورية.

ليس من الحكمة بالطبع التغاضي عن هذه المؤشرات، بل نؤكد أهمية كل مسعى جدّي يؤدي إلى إنهاء عذابات السوريينK والانطلاق بعد ذلك إلى إعادة إنهاض بلادهم، وهذا ما سعينا دائماً إلى إبرازه، بتأكيدنا أن الحل السلمي هو الطريق الآمن الذي يوفر الدم السوري، ويحافظ على ما تبقّى، بعد أن عمل الإرهابيون على هدم.. وحرق.. وسلب أبرز ما بنته السواعد السورية.

السؤال هنا: هل ستغيّر الإدارة الأمريكية سلوكها تجاه الملف السوري.. ولماذا؟

من سعى خلال سنوات إلى عرقلة أي حل سلمي للمسألة السورية، وتبنّى معارضة خارجية معزولة عن الداخل.. ثم صنّع معارضة مسلحة (معتدلة)، بهدف تعقيد الحل السلمي، واحتل الأرض السورية، وأقام معسكرات لتدريب بقايا داعش، وسلّط سيف الحصار والعقوبات لتجويع الشعب السوري وخنقه، لماذا يعمد اليوم إلى تعديل سياسته؟ ما الذي تغيّر؟

ما الذي سيقنع أردوغان، الذي يبحر شرقاً وغرباً لبناء سلطنة جديدة، بمغادرة الأرض السورية، وفك تحالفاته ودعمه لبقايا الإرهابيين؟

لن نستعجل الإجابة.. تجاذبات.. وتقاطعات الأطراف المتداخلة في الأزمة السورية مازالت في (المطبخ) الروسي الأمريكي، وربما دول أخرى أيضاً، لكننا نكرر ما طالبنا به نحن في الحزب الشيوعي السوري الموحد في مقررات مؤتمرنا الثالث عشر، وفي وثائقنا وأدبياتنا السياسية، بأن أي حل سلمي للأزمة السورية ينبغي أن يحقق السيادة السورية، ووحدة الأرض والشعب، وإنهاء الاحتلال التركي والأمريكي للأرض السورية، ويحافظ على خيارات المواطنين السوريين الديمقراطية دون تدخل خارجي.

أنصاف الحلول لا تخدم طموحات الشعب السوري، وبقاء النفوذ الأمريكي والتركي بهذا الشكل أو ذاك لن يقنع شعبنا الذي دفع ثمناً باهظاً لتحقيق طموحاته بالسيادة ووحدة الأرض والشعب.. وسواء كان القرار الأممي 2254 هو قاعدة للسيناريوهات المقبلة، أو أي تفاهم دولي آخر، فإن العملية السياسية يجب أن ترتكز على وحدة كلمة السوريين بجميع أطيافهم السياسية والاجتماعية والإثنية عبر حوار وطني شامل يغلق ملف الأزمة ويفتح الآفاق لمستقبل سورية الديمقراطي.. العلماني.

وبانتظار تبلور السيناريو العتيد، أو فشل جميع جهود التسوية السلمية، والذهاب إلى بدائل أخرى، لا يجوز التغاضي عن حزمة من الإجراءات الكفيلة بتحصين سورية من الداخل، وتوفير مستلزمات استمرار صمود شعبها وراء جيشه الوطني الباسل.. هذا ما نطالب به اليوم أكثر من أي وقت مضى، فنحن لا نثق بالسلوك الأمريكي ولا بالوعود الأمريكية، وندرك أيضاً مآرب أردوغان ومراميه التوسعية.

المواطنون السوريون يعانون تهميش معضلاتهم المعيشية، ولا يفهمون أبداً أسباب التقاعس الحكومي عن إحداث أي تحسن في أوضاعهم المعيشية والاجتماعية، في الوقت الذي تستأثر فيه فئات (محظوظة) بالأسواق.. والفرص.. والحظوة، ويقف فيه آلاف السوريين أمام كوات الهجرة والجوازات، وعلى شبابيك شركات السفر!

لقد وصف حزبنا الشيوعي السوري الموحد، المرحلة التي تواجه بلادنا، بأنها الأخطر.. والأصعب في تاريخها المعاصر، وحسب الأسلوب الذي نتبعه لاجتياز هذه المرحلة، سيتحدّد مستقبل الوطن والشعب.

فلنوحّد كلمة السوريين.. ولنعزّز صمودهم عبر تهيئة مستلزمات هذا الصمود، فقد آن لنا أن نخرج من نفق أرادوه لنا مصيراً محتوماً.

العدد 1104 - 24/4/2024