إذا بُليتم بالمعاصي.. فانضبّوا!

د. سلمان صبيحة:

من الطريف أن يطلّ علينا بين الحين والآخر هذا المسؤول السابق أو ذاك، وخاصة من بعض الوزراء والمديرين العامين  السابقين، ليحلّل لنا الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ويبدي رأيه (السديد) في هذا الموضوع  أو ذاك، والذين للأسف لم نرَ أي شيء لافت في عملهم  أثناء فترة توليهم للمنصب إلا التخريب والفساد ومزيداً من الثراء غير المشروع والنهب الممنهج للدولة وللشعب معاً، وخرق للقوانين والأنظمة، ومنح الاستثناءات واختراعهم لمنظومات فساد جديدة متطورة عابرة للضمير والشرف والأخلاق لضرب الاقتصاد الوطني، وزرع مفاهيم وقيم  مشبوهة لا وطنية ولا أخلاقية ولا مهنية، والاستعاضة عن الموظفين الشرفاء المهنيين والفنيين والوطنيين بآخرين لا يمتون بصلةٍ لا للشرف والأخلاق ولا حتى للمهنية والوطنية، مهمتهم محصورة بالتخريب والنخر في جسد الدولة الوطنية والإساءة لها، لخلق هوة بين الدولة الوطنية من جهة وشعبها الصامد الصابر الوفي من جهة أخرى. ويأتي الآن هذا المسؤول السابق لينتقد وينظر ويلعب دور المعلم، ويسدي النصائح عن كيفية محاربة الفساد وتطوير القوانين والأنظمة. وأكثر ما يزعج هو مطالبته بوضع الإنسان المناسب في المكان المناسب!

لهؤلاء تحديداً أقول: اتقوا الله واحمدوه واشكروه أن أحداً لم يفتح ملفاتكم العفنة حتى الآن. أنصحكم أن (تكنّوا) ولا داعي أن تذكّروا الشعب بكم وبأعمالكم المقرفة المفضوحة. كنا نأمل أن نجد هذا الحماس لديكم عندما كنتم في موقع صنع القرار، وأن نسمع انتقاداتكم وقتذاك، لكن المنصب والكرسي و(البريستيج) كان أهم من أ شيء آخر. كان إذا تجرأ أحد الموظفين وتكلم مع سيادتكم ونصحكم كما تنصحون الآن، كنتم تمسحون به الأراضي وتعاقبونه.

الآن استيقظتم من سكرة المنصب؟! الآن أصبحتم حريصين على البلد وتتكلمون عن محاربة منظومة الفساد والمحسوبيات التي بفضلها تعرفنا عليكم وجاءت بكم وبأمثالكم الى هذا المنصب أو ذاك؟!

يقول أحدهم تعليقاً على ظهوركم المفاجئ الآن: (هؤلاء يريدون ركوب الموجة الآن، لعلّهم يعودون إلى المنصب من جديد ليتابعوا مسلسل التآمر والتخريب، وخاصة بعد أن هزم مشروع إسقاط الدولة الوطنية السورية وتحقق النصر!).

الآن تتكلمون عن أهمية التطوير الإداري والتغيير المؤسساتي وتحديث القوانين والأنظمة؟! كنت أتمنى ألا أسمع أحداً منكم يتكلم، ولا يحق لكم الكلام لأن بعضكم متهم، وتهمه ترقى إلى مرتبة الخيانة الوطنية العظمى، ويتحمل بشكل أو بآخر مسؤولية ما وصلنا إليه من فساد وفوضى وخراب. الآن تزايدون على الوطن والوطنيين الشرفاء باقتراحاتكم المشكوك بها وتتحفوننا بالحلول للمشاكل التي ساهمتم بخلقها أنتم بأيديكم وقمتم بسقايتها بماء كذبكم ونفاقكم وحقدكم، وبآرائكم المشبوهة (كلام حق أريد به باطل).

فعلاً كما يقال (اللي استحوا ماتوا!).

ارحموا عقولنا، فبعد أكثر من عشر سنوات حرب ضد بلادنا وتآمركم المفضوح مع المتآمرين، بقصد أو دون قصد، وممارساتكم لكل أنواع الموبقات ضد الدولة الوطنية ومؤسساتها، لم يعد ينطلي علينا كلامكم المعسول المدسوس فيه السم.

أقول لكم أخيراً: إذا بُليتم بالمعاصي فاستتروا! وفعلاً صدق من قال: إنه لزمن رديء، لكن من مآثره أنه زمن سقوط الأقنعة. نصرنا هزّ الدني.. الأمل بالعمل!

العدد 1105 - 01/5/2024