جنون في الأسواق!

هيفاء شعبان:

ما يجري في الأسواق السورية من موجات جنونية لارتفاع الأسعار وما يصاحبها من ارتفاع معدلات التضخم وفق متواليات هندسية فاق قدرة أي محلل أو باحث على مجاراته، فتكاد لا تنتهي من كتابة مقال أو بحث تستند فيه إلى مستوى معين من الأسعار إلا وتكون الأسعار ارتفعت بين 10 إلى 20 بالمئة وقت النشر.

الآن لمحة سريعة عن الأسعار كافية لصعقك:

 سعر كيلو البندورة 1400 ليرة سورية، والكوسا 1700 ليرة، والتفاح 1400 ليرة، والموز 1800 ليرة، والفاصولياء 2000 ليرة، والباذنجان 1200 ليرة، وعموماً لا يوجد نوع خضار أو فواكه يقل سعره عن 1000 ليرة للكيلو الواحد باستثناء الحمضيات.

سعر كغ من السكر حوالي 1700 ليرة، والرز 2400 ليرة.

سعر لتر الزيت 7500 ليرة، وعلبة السمنة 9000 ليرة.

كيلو لحمة الغنم 21000 ليرة، والعجل 16000 ليرة، وكيلو الفروج 4000 ليرة.

كيلو الطحينة 9000 ليرة بالحد الأدنى.

صحن البيض 7500 ليرة.

عبوة مسحوق الغسيل 2 كغ بـ 6000 ليرة، وعبوة سائل الجلي 1 كغ بـ 1300 ليرة.

أسعار الملابس لم يعد مواطن يتجرأ حتى على قراءتها من بعد وكأنها موجهة لسكان كوكب آخر، فالقطع المتوسطة تبدأ من 20000 ليرة للقطعة وصولاً إلى مئات الآلاف.

المارة في الأسواق تراهم مشدوهين من هول الصدمة والمفاجأة الآن، ماذا؟

وأكثر ما يدفعهم للاستغراب غياب الرقابة الحكومية الحقيقية عن قضية الأسواق والأسعار؟

بصراحة، تكاد الرقابة الحكومية تقتصر على بعض الإجراءات الورقية كبعض الضبوط البسيطة التي لا تغير شيئاً، وهي تبدو لذرّ الرماد في العيون وليخرج المسؤولون على وسائل الإعلام ويقولوا نظمنا عدداً كبيراً من الضبوط التموينية! ودون أية جدوى، فمحل يجني يومياً مئات الألوف من الليرات السورية نتيجة التلاعب بالأسعار يُنظم له ضبط تمويني كل ثلاثة أشهر بمقدار خمسين ألفاً وإغلاق ليوم أو اثنين، فعلى من تضحكون؟!

أسرة سورية مؤلفة من أب وأم وولدين، متوسط دخلهم 90000 ليرة سورية، فليأتِ الآن المعنيون في الفريق الاقتصادي والحكومة مستخدمين الأجهزة الحاسوبية والبرامج النانو مترية ويشرحوا لنا كيف تدبر الاسرة المذكورة أمور معيشتها حتى آخر الشهر:

الخبز 6000 ليرة شهرياً.

الهاتف والكهرباء والماء حوالي 10000 ليرة شهرياً.

بقي لدينا حوالي 1800 ليرة يومياً توزع على نوع واحد من الخضروات، بمعدل كيلو غرام واحد تقريباً يومياً على الأسرة المذكورة، تتناوله على ثلاث وجبات بحذر.

هل سأل المعنيون في الفريق الاقتصادي الحكومي أنفسهم:

ألا يحتاج نوع الخضراوات المختار إلى قليل من الزيت؟

أليست الأسرة بحاجة إلى مواد تنظيف للملابس والمطبخ؟

من أين ستدفع الأسرة مصاريف التعليم بالرغم من انخفاضها نسبياً؟

ألا تحتاج أي أسرة إلى مصاريف نقل؟

في حال مرض أحد أفراد الأسرة من أين ستدفع مع استمرار إغلاق المشافي إلا لحالات الضرورة الإسعافية؟

طبعاً لن نتجرأ بالحديث عن الملابس واللحوم والفواكه والحلوى التي أصبحت كماليات لا يجرؤ المواطنون على تخيلها.

حاولت جاهدة فهم قرار توزيع مادة المازوت بكمية 200 لتر لبعض الأسر في بعض المحافظات، ثم تخفيض الكمية إلى 100 لتر؟ هل حقاً ليس لدى القيمين على الأمر معطيات كافية عن الكميات المتوفرة أو التي ستتوفر؟ لماذا لا يخرج أحد يشرح للمواطنين الأسباب وكيفية المعالجة إحقاقاً لمبدأ المساواة بين المواطنين؟

الوضع المعيشي يزداد سوءاً وتعقيداً، وبرأيي الدول التي مولت الحرب وأخرجها الجيش السوري من الباب تحاول إعادة الدخول من نافذة الوضع المعيشي، وهنا يجب على الحكومة التدخل بإجراءات فورية وسريعة تصل إلى تطبيق الأحكام العرفية على التجار المخالفين، وإيجاد آلية سريعة لتحسين الوضع المعيشي لحماية الاستقرار الاجتماعي من المحاولات الخارجية لتلويثه.

العدد 1104 - 24/4/2024