في مؤتمر المهندسين الزراعيين بالسويداء

السويداء – النور:

عقد فرع نقابة المهندسين الزراعيين في السويداء مؤتمره السنوي العادي، بحضور نقيب المهندسين الزراعيين على رأس وفد من النقابة المركزية وأمين فرع حزب البعث بالسويداء وعدد من مسؤولي الدوائر المعنية. قدمت مداخلات على التقرير الموزع، وفيما يلي جانب من مداخلة الرفيق نوفل عدوان (عضو اللجنة المركزية للحزب) في المؤتمر:

لا شك أن الحرب القذرة التي تعرضت لها سورية على مدى السنوات التسع حتى الآن، أتت على كل شيء في ساحة الوطن، بما فيه ما فوق الأرض وما في باطنها. إنها تعبّر ليس فقط عن الحقد الدفين لدى القوى الإمبريالية والصهيونية وأعوانهم تجاه هذا الوطن؛ وإنما تعبّر أيضاً عن الأطماع في ثرواته، وجعله مركزاً أمنياً يهدد وحدة البلاد، ويجهض تطلعات شعوب المنطقة للانعتاق والتحرر وبناء كياناتها الوطنية المستقلة وتأمين الرخاء والعيش الكريم لمواطنيها.

لقد عانى شعبنا الكثير من مجريات هذه الحرب ومفرزاتها؛ من التدمير وتراجع الإنتاج، إلى الحصار وشح الموارد. وهذه جوانب موضوعية، ولكن الأهم هو تأثير الجوانب الذاتية؛ المتمثلة أساساً باستمرار النهج الليبرالي في الاقتصاد، وفشل الحكومات المتعاقبة في حسن إدارة المتاح من الموارد، وفي اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتأمين الضروري للإنتاج ولمعيشة الشعب، وتخبطها في السياسة النقدية، وانتعاش تجار الحروب، وتفشي الفساد، مما عمق الفرز الطبقي إلى أكثرية فقيرة ومُفقَرة، وإلى أقلية تلتهم كل شيء وتؤثر في توجيه القرارات بما يخدم مصالحها، على حساب كرامة المواطن وأمنه ومعيشته، وعلى حساب مصلحة الدولة وسيادتها أيضاً.

وكثيراً ما يطلّ المسؤولون على الشاشات يلعنون الحرب والحصار، ويزينون ما وصل إليه الوضع من انحدار، فما بلغه الدولار هو، برأيهم، سعرٌ وهميّ! ولكن تأثير هذا السعر على معيشة الناس يؤكد أن معاناة المواطنين هي الحقيقة، والوهم يبقى فيما يقولون ولا يفعلون. فلم ينعكس تحرير المساحات الواسعة واستعادة بعض الثروات على حياة المواطنين الداعمين للصمود وللانتصارات الميدانية، والمتطلعين إلى غد سورية السيدة الموحدة أرضاً وشعباً.

إن دعم الليرة لن يأتي إلا من قوة الاقتصاد، خاصة بزيادة الإنتاج الصناعي والزراعي، مما يقتضي توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار تكون بمتناول المنتجين، وبتأمين قروض ميسّرة لدعمهم، وبتحقيق أسعار عادلة لمنتجاتهم، ولكن ذلك لن يتحقق بحيادية الدولة؛ وإنما بتدخلها الفعال في التجارتين الخارجية والداخلية، وبضبط الأسعار، ومحاربة الفساد بكل أشكاله وفق أسس منهجية كي لا يأخذ طابع الانتقائية الكيدية وتصفية الحسابات، ويلحق قانوني: الكسب غير المشروع، ومن أين لك هذا؟!

محافظة السويداء والتميّز توأمان؛ فعبق التاريخ غني بما سطره أهلوها من أمجاد وقيم تتوج رؤوس أبنائها حيث يوجدون.

والآن، وبسبب الفلتان الأمني وانتشار أبشع أنواع الجرائم على أيدي أفراد وجماعات معروفة بالاسم والعنوان، يمارسون البلطجة والسطو والخطف والقتل والابتزاز وينشرون المخدرات، ويروعون المواطنين في الحقل والبيت والشارع دونما أي تحرك من مؤسسات الدولة الوصائية وأجهزتها المعنية!

إنه لأمر غريب، ويثير الكثير من الريبة والتساؤلات؛ فما هو الرابط بين قضم الساحات والشوارع وغيرها من التجاوزات، والحرب الكونية على سورية؟

محافظة السويداء، الدرة في تاج التاريخ، الحاضنة لكل مظلوم، أصبح التحذير من القدوم إليها (لعنة) تواجه أبناءها حيثما اتجهوا.

إنها لخيبة أمل كبيرة عند المواطنين؛ إذ لا يجدون مبرراً لصمت أجهزة الدول عمّا يجري ممثلة بمسؤوليها الذين هم أيضاً لا يبررون وجودهم في المواقع التي يشغلونها!؟ الأمر الذي أثار الدعوات للعودة إلى مجتمع ما قبل الدولة ونحن في الألفية الثالثة!؟

وإذا كان لابد من التعويل على الشعب في دعم الموقف الوطني؛ فيجب أن يكون الشعب مطمئناً على كرامته وأمنه ومعيشته. والسؤال المفتوح: ماذا يراد لمحافظة السويداء التي تأبى أن تكون غير أبية، وفيّة لعهدها، عصية على الإذلال والمهانة؟!

العدد 1104 - 24/4/2024