رحيل الدكتور طيب تيزيني (1934- 2019)

عيسى فتوح:

نعى اتحاد الكتاب العرب، ومجمع اللغة العربية بدمشق وفاة الأستاذ الدكتور طيب تيزيني يوم السبت في 18/5/2019 في حمص، وهو في الخامسة والثمانين من عمره، بعد صراع طويل مع المرض، وكان آخر عضو استُقبل في مجمع اللغة العربية عام 2016. والدكتور تيزيني مفكر سوري من أنصار الفكر القومي الماركسي الذي يعتمد على الجدلية التاريخية في الفلسفة، لإعادة قراءة الفكر العربي منذ ما قبل الإسلام حتى اليوم. ويعد من أهم مئة فيلسوف في العالم، وكان حتى وفاته أستاذاً للفلسفة في جامعتي دمشق والبعث في حمص، وناقداً مهماً وجريئاً في كتابه (من التراث إلى الثورة) الذي حاول فيه إعادة قراءة الفكر من جديد، وسار معه في هذا المضمار كل من: الدكتور حسين مروة، والدكتور محمد عابد الجابري، والدكتور محمد أركون، والدكتور حسن حنفي وغيرهم.

ولد الدكتور طيب تيزيني في 8/10/1934 في مدينة حمص، لأبٍ قاضٍ ورجل دين عقلاني، وبعد نيله شهادة الدراسة الثانوية، سافر إلى تركيا، ومنها إلى بريطانيا وألمانيا حيث حصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة عام ،1967 ثم على الدكتوراه في العلوم الفلسفية عام ،1973 وكان موضوع أطروحته (تمهيد في الفلسفة العربية الوسيطة).

شارك في العمل السياسي في سورية قبل سفره إلى الخارج للدراسة، وفي بعض الأحزاب السياسية، ونشر عام 1971 كتاب (حول مشكلات الثورة والثقافة في العالم الثالث- الوطن العربي نموذجاً) كما نشر كتاب (روجيه غارودي بعد الصمت) ،1973 و(من التراث إلى الثورة- حول نظرية مقترحة في التراث العربي) ،1976 وكتاب (فيما بين الفلسفة والتراث) ،1980 وكتاب (تاريخ الفلسفة القديمة والوسيطة) بالاشتراك مع غسان فنيانوس ،1981 وكتاب (الفكر العربي في بواكيره وآفاقه الأولى) ،1982 وكتاب (من يهوه إلى الله) ،1985 وكتاب (مقدمات أولية في الإسلام المحمدي الباكر). كما أصدر عام 1994 ستة أجزاء من مشروعه الفكري، قبل أن يتحول إلى التركيز على قضية النهضة.

كذلك أصدر كتاب (دراسات في الفكر الفلسفي في الشرق القديم) ،1988 وكتاب (ابن رشد وفلسفته) مع نصوص المناظرة التي جرت بين محمد عبده وفرح أنطون وركز عام 1997 على معالجة عوائق النهضة العربية، سواء في فكر الذات أو تلك الناجمة عن الحضارة الغربية.

ولطيب تيزيني كتب أخرى مثل (من الاستشراق الغربي إلى الاستغراب المغربي) و(الإسلام ومشكلات العصر الكبرى) و(الإسلام والعصر- تحديات وآفاق) بالاشتراك مع العلامة الشيخ محمد رمضان البوطي وغيرها.

كان الدكتور طيب تيزيني يقول: (إن سورية حلمه، ولا يملك حلماً آخر غيره). وهو يؤمن بأن سورية لن تسقط، وإن حصل- وهو أمر مستبعد- فسيسقط معها العالم كله، وبأن أبناءها سيعيدون بناءها، وهي لا شك عائدة إلى مجدها وعزتها وازدهارها وتألقها، وستدافع عنها البشرية كلها بعد أن ينتهي زمن الحرب.

العدد 1104 - 24/4/2024