حركة الأرض

إعداد موسى الخطيب:

هي حركة سياسية قومية عربية تأسست في الجزء المحتل من فلسطين عام 1948 نتيجة غياب أي تنظيم قومي يمثل نضال الشعب العربي الفلسطيني في هذه المناطق.

وقد سبق هذه الحركة بعض المحاولات الرامية إلى خلق حزب عربي باءت جميعاً بالفشل، إلى أن استطاع فريق من عرب فلسطين سنة 1958 إنشاء الجبهة العربية التي سميت فيما بعد الجبهة الشعبية الديمقراطية. بقيت الجبهة تعمل من أجل تحقيق أهدافها العامة إلى أن دبّ الخلاف بين الجناح القومي والشيوعيين فيها، وعندئذٍ بدأ أصحاب الخط القومي وعلى رأسهم حبيب قهوجي ومنصور كردوش بالتفكير بشكل جدي في إنشاء حركة عربية مستقلة داخل فلسطين، وعلى هذا الأساس دعا قهوجي وكردوش إلى اجتماع حضره مجموعة من المنتسبين، وكان هذا الاجتماع الذي عقد في نيسان 1959 هو الاجتماع التأسيسي لحركة الأرض، وقد تم اختيار هذا الاسم للدلالة على تعلق الشعب الفلسطيني بأرضه. وتقرر في هذا الاجتماع تأسيس صحيفة علنية بالاسم نفسه، ووزعت بياناً جاء فيه أن الجناح القومي في الجبهة الشعبية الديمقراطية يعلن أنه جزء من الشعب الفلسطيني الذي هو أيضاً جزء من الأمة العربية، وأن هذا الجناح يناضل داخل البلاد من أجل المساواة التامة بين العرب واليهود، وطالب البيان إسرائيل بأن تنتهج سياسة تتضمن الاعتراف بأن الحركة القومية العربية هي الحركة الحاسمة في المنطقة، وأن على إسرائيل أن تقطع ما بينها وبين الحركة الصهيونية من صلة، كما طالب البيان بعودة اللاجئين إلى أراضيهم وأملاكهم.

وقد اعتبرت الحركة أن أي طرح من قبلها بإعفاء الاعتراف الظاهري بإسرائيل، يعني قضاء السلطات الإسرائيلية الفوري على الحركة في مهدها، ولذلك تلافت هذا الأمر وطرحت شعارات عامة لا تعرضها للخطر المباشر وتؤدي في الحقيقة إلى تفريغ إسرائيل من مضمونها.

بعد البيان طالبت الحركة السلطات الصهيونية بالحصول على ترخيص لإصدار جريدة خاصة بها، إلا أن السلطات ماطلت في الرد، فلجأت قيادة الأرض إلى طريقة تدور بها على القانون، إذ وجدت أن هذا القانون يبيح لكل مواطن أن يصدر نشرة لمرة واحدة دون ترخيص، وبدأ أفراد الأرض كل بدوره يصدر الجريدة باسم جديد، فصدر العدد الأول بعنوان الأرض، ثم صدر العدد الثاني بعنوان الأرض الطيبة، والعدد الثالث بعنوان شذى الأرض، ثم أعداد أخرى بعناوين مختلفة مثل نداء الأرض وهذه الأرض، وبعد العدد السادس شنت السلطة حملتها على الأرض، واعتبرت أن عملها ينافي القانون ويعرض أمن الدولة للخطر، وأغلقت السلطات الجريدة وقدمت ستة من محرري الجريدة إلى المحاكمة بتهمة التحايل على القانون.

غير أن هذه الخطوة لم تمنع جماعة الأرض من محاولتها إعادة تنظيم نفسها، فعملت على إقامة شركة الأرض المحدود للطباعة والنشر.. وكان الهدف من هذه الشركة الحصول على وسيلة مشروعة لإصدار الجريدة مجدداً، إضافة إلى تأمين غطاء مناسب للعمل السياسي ومورد مالي للحركة.

وحتى ذلك التاريخ لم تكن الأرض قد اتخذت لنفسها شكل تنظيم حزبي محدد، وبعد أن استوفى أصحاب الشركة الشروط القانونية تقدموا بطلب لإصدار جريدتهم، إلا أن طلبهم هذا رفض بحجة أن المحرر المسؤول لا يحمل الشهادة الثانوية الإسرائيلية.

وأخيراً أعدت الحركة سنة1964 مذكرة مطولة عن أوضاع العرب في إسرائيل والمظالم التي يتعرضون لها، وأرسلت نسخاً إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى الصحف العالمية والشخصيات المعروفة دولياً، وقد أثار هذا العمل السلطات الصهيونية، وبدأت تفكر جدياً بتصفية الأرض وفروعها خاصة أن هذه الجماعة تمكنت من إقامة خمسة عشر نادياً ثقافياً ورياضياً في القرى العربية.

وبعد إعداد المذكرة حاولت الأرض تسجيل نفسها كحزب سياسي، وأعلنت في منتصف تموز 1964 قيام حركة الأرض، ووضعت لنفسها أهدافاً تنص على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره في نطاق الأماني العليا للأمة العربية، غير أن السلطات رفضت السماح لحركة الأرض بالتسجيل كحزب سياسي، واعتبرتها جمعية تهدف إلى المس بكيان الدولة وبسلامتها، وطالبتها بحل نفسها، ثم قامت السلطات بعد ذلك باعتقال قياديي الحركة، وما لبت أن صدر ليفي أشكول رئيس وزراء العدو قراراً بحل شركة الأرض وحركة الأرض واعتبارهما خارجتين على القانون.

بقي نشاط حركة الأرض مجمداً حتى عام 1965 إذ عادت الحركة للظهور مجدداً، وقد قرر أعضاء الحركة خوض معركة الانتخابات وأعدوا قائمة باسم (القائمة الاشتراكية)، وكان على رأسها حبيب قهوجي وصالح برانسي، غير أن السلطات ردت على هذه الخطوة بنفي القياديين الأربعة إلى أماكن مختلفة من فلسطين، لتفوت عليهم فرصة الاشتراك في الانتخابات.

كما فرضت الإقامة الجبرية على نشيطي الحركة، وأوعزت إلى لجنة الانتخابات برفض ترشيح القائمة، وقد كان هذا الإجراء نهاية نشاط حركة الأرض العلني.

وعشية حرب 1967 قامت السلطات الصهيونية باعتقال قيادة الحركة وبعض أعضائها، وفي أيار 1968 طرد الصهاينة حبيب قهوجي من فلسطين المحتلة بعد اعتقاله مع زوجته لأكثر من سنة، فتوجه إلى قبرص ثم لبنان فسورية.

كما غادر صبري جريس فلسطين المحتلة متوجهاً إلى أثينا ثم لبنان.

العدد 1104 - 24/4/2024