البلديات تغض الطرف عن الشوارع

ولاء العنيد:

في كل مرة تُطرح مشكلة يعاني منها الموطن السوري، يوضع اللوم على الحرب وتبعاتها وما أسفرت عنه من دمار وخراب من كل النواحي، إن كان دمار الأحجار أو حتى دمار في قيم وثقافة السوريين، من تغييرات طرأت على طريقة تعاملهم وعلى أولوياتهم وحتى على طريقة عيشهم وسلوكهم. بتنا نرى إهمالاً في كل شيء، وعدم مبالاة على كل الأصعدة، حتى في نطاق تأثيرنا الذي نملك القدرة على التغيير فيه والعمل على إصلاحه، وصببنا جهودنا على دائرة اهتماماتنا التي تستنزف جهودنا ولا نستطيع التحكم بها ولا السيطرة عليها، ولا نملك اتجاهها سوى الاعتراض والتنديد وإلقاء اللوم على الحكومة، وكأنها هي الوحيدة التي بيدها التأثير على هذا الواقع المؤلم حقاً الذي وصلنا إليه، وهو اللامبالاة بنظافة بلادنا ومدنها وشوارعها وحاراتها العتيقة.

في كل يوم نرى أكوام النفايات ملقاة على الطرقات، وأوساخاً موزعة على طول الطريق من كل الاتجاهات، رغم العمل المتواصل لعمال النظافة، ولكن جهودهم الكبيرة لا تنهي المشكلة وإن كانت تخفف منها. وطبعاً يعلم الكل ما تسببه هذه الظاهرة من تلوث، وكيف تكون بيئة خصبة لتكاثر الحشرات والأوبئة، وخصوصاً في فترة فصل الصيف الذي بدأ ينسل رويداً حتى يفرض آثاره على كل شيء. فتخيّلوا كم هو سيّئ حال شوارع البلاد! وكم ستكون سرعة انتشار الحشرات بسبب توافر الظروف المحيطة الملائمة؟! ألا يجدر بنا أن نعمل على إزالة هذه الأوساخ للحد من تكاثر الحشرات الضارة، بالتزامن مع انتشار أنواع حشرات لم يألفها المواطن السوري من قبل ولا يعلم كيفية التعامل معها أو مكافحتها، كأن تقوم جميع البلديات برش مبيدات حشرية لمكافحة هذه الحشرات، والقيام بحملة لغسل الشوارع والحارات، وعلى وجه التحديد المناطق التي تشهد ازدحاماً سكانياً وحارات المدينة القديمة والاعتناء بها، إضافة إلى توزيع عدد ضخم من الحاويات المخصصة للنفايات بمسافات متقاربة جداً، ومحاكاة تجارب بعض البلدان التي عملت على تغيير سلوك مواطنيها، من خلال فرض غرامات على كل من يخالف القوانين التي تؤثر على مظهر البلاد، فيتحول سلوك الناس مع الوقت، من عدم رمي القمامة في الطرقات خوفاً من غرامات مالية مرتفعة، إلى عادة رميها في مكانها المخصص والتوقيت المحدد، لأنه أصبح ثقافة صحية منتشرة بين الناس وظاهرة طبيعية يجدر ممارستها. فجزء من اللوم يقع على المواطن الذي تخلى عن ثقافة مراعاة نظافة بلده، وعلى الحكومة السورية التي تعرف تمام المعرفة أن الكادر العامل في قطاع النظافة في البلاد لا يغطي نصف الحاجة، وأن عدم العمل على تنفيذ خطوات وقائية لدرء انتشار الحشرات، سيؤدي إلى انتشار بعض الأمراض التي قد تكون خطرة جداً على حياة المواطنين، وخصوصاً في فصل الصيف.

من الضروري الإسراع في اتخاذ خطوات سريعة تقف بوجه هذه الظاهرة بسرعة قبل انتشارها أكثر.

العدد 1104 - 24/4/2024