الشباب في عالمِ يُعلي من قيمة المال

إيمان أحمد ونوس:

لا شكّ أن للمال في عصرنا الراهن وما سبقه من عصور قيمةً كبيرة، باعتباره الوسيلة التي بموجبها أو بمقابلها تتحقق تلبية احتياجاتنا الأساسية في الحياة. فقديماً لاسيما في الأرياف وحتى ما قبل نصف قرن من الآن، كانت تجري مبادلة أو مقايضة سلعة بأخرى من أجل الحصول على احتياجات الأسرة أو الفرد. لكن مع تطور المجتمعات من جهة، وتقلّص أو ندرة السلع الفائضة لدى الأشخاص، أو بسبب العمل خارج إطار الحقل والريف، اضطّر الناس للتعامل بالنقد/المال، سواء عبر الرواتب التي يتقاضاها العامل نهاية الشهر أو بأشكال أخرى ناتجة بالتأكيد عن بذل الجهد للحصول على المال.

من هنا نجد أن المال عصب أساسي في الحياة، ومن دونه لا يمكن لأيّ منّا تلبية احتياجاته الأساسية مهما كانت بسيطة، فكيف بنا في عصر تنوّعت سلعه وبضائعه وطرائق عرضها على الناس، بقدر ما عظُمت قيمة المال فيه سواء على المستوى الشخصي أو العام.

ومجتمعاتنا ولا شكّ هي إحدى مجتمعات الدول الفقيرة التي تخضع باستمرار لمزاجية وتحكّم أساطين المال، سواء عبر تصدير السلع والمنتجات المُستحدثة كل يوم والترويج لها بطريقة تجعل الحصول عليها أسهل من شرب الماء، ويتعزز هنا ويعمّ مبدأ (الغاية تُبرر الوسيلة)، ما جعل الناس يلهثون بشتى الطرق للحصول على المال الذي يؤهلهم لامتلاك ما يُعرَض، وهنا نجد الشباب أكثر تأثّراً من سواهم بتلك العملية المقصودة، بحكم أعمارهم الفتية من جهة، وبحكم أنهم مسؤولون عن تأسيس حياتهم المستقبلية من جهة أخرى.

لذا بات الحصول على المال هو الهدف الأساس والأوحد لديهم، مثلما باتت قيمتهم الشخصية تُقاس بمقدار ما يمتلكون من المال، وبذا نجد بعضهم يسير في دروب وعرة وشائكة من أجل تأمين احتياجاته ومستقبله مع الحفاظ على إنسانيته مهما عظُمَ الثمن، وبعضهم الآخر ينحو باتجاهات تشوّه إنسانيته، من أجل أن يبسط سطوته على من حوله بما امتلكه من أموال حصّلها بوسائل غير أخلاقية.

العدد 1104 - 24/4/2024