فارس الثقافة الانسانية محمد محفل يترجل واقفاً

أبى الرحيل قبل أن يطمئن على مضي وطنه في طريق الخلاص، لتطمئن روحه من بعده على هذا الوطن الذي عشقه حتى الثمالة متجاوزاً آفاق الهيام .

إنه فارس الثقافة الوطنية إبن سورية البار محمد محفل، الذي ترجل وهو في أوج عطائه المعرفي، وأوج نهله من مخزون عقله المتوهج وفكره الحضاري الانساني التقدمي المشع وغرسه في نفوس وعقول الأجيال الحالية والقادمة.

هذا الرجل الوطني التقدمي والقامة الوطنية الفكرية الاجتماعية الانسانية الفريدة المتفردة، الذي ينتمي الراحل إلى عائلة عريقة.. تقدمية انضم العديد منها وبينهم الباحث محمد محفل إلى صفوف الحزب الشيوعي السوري، والذي اختزن عقله موسوعة تاريخية وضع بعضاً منها في مؤلفاته، وموسوعة لغوية الآرامية واللاتينية واليونانية والفرنسية والإنكليزية وجوانب من بعض اللغات الأخرى، ملكات لغوية اكتسبها خلال تحصيله العالي في فرنسا وسويسرا، قل مثيلها لدى كثيرين من أقرانه من المثقفين السوريين والعرب الكبار والأساتذة القديرين في جامعة دمشق وباقي الجامعات السورية منذ مطلع ستينات القرن الفائت .

أتقن بتميزٍ كبيرٍ فذّ طرائق وأساليب التعليم الجامعي الراقي التي جعلت من شخصيته التدريسية عازفاً منفرداً مغرداً ضمن أوركسترا مدرِّسيّ كليات الآداب السورية عبر تناغم رفيع بين تَمَكُّنِهِ المعرفي وشخصيته المرحة وابتسامته الفطرية، فقد كانت قاعات جامعة دمشق التي حاضر فيها مقصداً لطلبة من مختلف أقسام كلية الآداب، ينهلون من مخزونه التاريخي الموسوعي سعياً وراء توسيع آفاقهم المعرفية وفتحِ عقولهم على جوانب هامة من التاريخ البشري القديم لاتزال مجهولة حتى الأن لدى كثيرين من خريجي جامعة دمشق، ما جعل منه رمزاً وطنياً أكاديمياً وأنموذجاً فريداً رائعاً ينبغي أن يُقتدى به ويُحتَذى.

كان شامخاً في نبوغه العلمي، شامخاً في بساطته وتواضعه، شامخاً في علاقاته الاجتماعية والطلابية الواسعة، إذ كان صديقاً صدوقاً لطلبته معتبراً نفسه أباهم الروحي ومن ثم القدوة .

صحيح أن سورية خسرت محمد محفل، وأن جامعة دمشق وغيرها خسرته، غير أن الأكثر خسارة هو الجيل الحالي الذي هو بحاجة ماسة لمخزون عقله وفكره ومفاهيمه العلمانية التقدمية .

هذا غيضٌ من فيض مما يمكن أن يُقال فيه وعنه، لأن فقيدنا الكبير محمد محفل يستحق بجدارة وحقٍ مشروع أن يكون ذكره مؤبداً ويستحق من أجل تفعيل هذه المقولة أن تحتضن حديقة مبنى جامعة دمشق العريق نصباً تذكارياً له، يشكل مصدر إلهام يَستأنسُ به طلاب كلية الآداب عامة وقسم التاريخ بوجه خاص في جامعتنا العريقة الجامعة السورية .

قيادة الحزب الشيوعي السوري الموحد وأسرة صحيفة (النور) تتقدمان بأحر التعازي القلبية من عائلة الباحث محمد المحفل وذويه ورفاقه واصدقائه ومحبيه.

وقد شارك وفد من الحزب الشيوعي السوري الموحد برئاسة الرفيق حنين نمر الأمين العام للحزب بتقديم واجب العزاء.

 

نبذة موجزة

* ولد الفقيد الكبير محمد محفل عام 1928 في مدينة حلب شمال سورية.

* حاز إجازة في التاريخ عام 1949 ودبلوم التربية وعلم النفس عام 1953.

* أُوفِدَ إلى فرنسا لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ القديم حيث اكتسب اللغة الآرامية في معهد اللوفر والتاريخ الآرامي في جامعة السوربون، إلى جانب اللغتين اللاتينية واليونانية .

* غادر فرنسا مرغماً عام1956إلى سويسرا بسبب تأييده للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي.

* تابع دراساته العليا في جامعة جنيف وأنجز أطروحة الدكتوراه في التاريخ القديم تحت عنوان (دور الرقيق في انحطاط الإمبراطورية الرومانية).

* حاز درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف من جامعة الدراسات الإسلامية في كراتشي .

* قام بتدريس اللغات اللاتينية واليونانية والآرامية والتاريخ القديم في جامعة دمشق .

* عمل أستاذا زائرا للتاريخ القديم في الجامعة الأردنية .

* ساهم في تأسيس لجنة كتابة تاريخ العرب .

* ترأس تحرير مجلة (دراسات تاريخية).

* أشرف على تنظيم عدة ندوات ومؤتمرات سورية وعربية ودولية .

* انتخب في عام 2008 عضواً في مجمع اللغة العربية .

* حاز في العام2012 وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة تقديراً لإنجازاته الأكاديمية.

العدد 1104 - 24/4/2024