التي فكّت ضفائرها وصيّرتها عقالاً (للذكر مثل حظ الأنثيين)

غزل حسين المصطفى:

جاء في تقسيم الإرث (للذكر مثل حظ الأنثيين)، ولكن كيف كانت القسمة حين مرّت الحرب؟ أعَدَلَتْ الطبيعة وأنصَفَ القدر؟

الحقيقة أن لا عدالة على الارض تُطبّق، فحين فتكت الحرب لم نرَ إلاّ الظلم في كل شيء. لسنا نعترض على الحكمة الإلهية في حديثنا، ولكن قد نعترض على الأحكام المجتمعية والعقول الفارغة، فحربٌ لم يسلم منها جناح طير، هل ستكون برداً وسلاماً على الأنثى؟

قُبيل سنواتنا العجاف، كانت المرأة تخوض حروبها الشخصية مع أمراض المجتمع ومفاهيمه المشبوهة نحوها، كيف سيكون المشهد بتصوركم لو قلنا إن الأمراض صارت سارية معدية وعلنية، لم تعد جراثيم فكرية وكسوراً تربوية، إنما تحوّلت إلى خلايا سرطانية فتّاكة؟

أعتقد أن الصورة واضحة ولا داعي للشرح والتفسير!

كان التحرّش يجري في الخفاء وخِلْسَةً، اليوم نشهده علناً، وأمام هيبة المتحرّش أو سلاحه لا نقف، بل نركع!!

لقمة عيشها حملتها إلى مشغل للخياطة، يأكل فقراتها لأجل فتاتٍ من قروش، تحمل همّها وسماكة طبع المسؤول عنها وحركاته. أمّا تلك التي فكّت ضفائرها وصيّرتها(عقالاً) من تحت لثامها في (سوق الهال) تجرُّ الأحمال، تُنظِّف، تَكنُس.

قبل ذلك كانت فلاحة وملكة على بيدرها الذهبي، ويأتي آخر النهار ذكرٌ يمتُّ بصلةٍ إليها يمسح بوجهها الشاحب أرض المنزل!؟

الموضوع ليس سيناريو درامياً لمشاهد تُثير عواطقف المشاهد أو حتى القارئ الحديث، هو غصّة تخنق إنسانيتنا.. أين نحن من هذا؟ كانت الحرب علينا، والواقع ضدّنا جميعاً، أننهش لحم بعضنا بعضاً!؟

واقع العنف على الأراضي السورية كان يزداد وحشية (الضرب، الإهانة، القهر، الشتم، الإذلال، والتجويع… الخ ) غالبية هذه الأنواع من العنف قد يكون ذاقها الذكر والأنثى على حدٍّ سواء، لكن بطل الساحة اختار الأنثى لينكّل في روحها وإنسانيتها.

(الاغتصاب) وسجلاته تطول، منها ما فُضِحَ بمحض المصادفة، وقلّة كانت بدافع الحق، أمّا ما خفي عنّا فهو الأعظم!

حقاً رأيت المرأة في شريط المواقف في ذاكرتي سلعة، ورأيتها جارية وعبدة!

لماذا نَسَفْتُمْ صوراً خزّنتُها في طفولتي وكانت المرأة والأم فيها قدوة لي؟

الحرب ليست شمّاعة.. لا تبرّروا! لن أسامحكم!

تسمية يوم عالمي، وشَفعه بحملة تمتد إلى 16 يوماً للتوعية حول مناهضة العنف ضدّ المرأة لا يعني أن نغضّ الطرف طوال العام، ثمّ نُشمّر عن مبادئنا وقيمنا مرّة في كل عام نتحوّل إلى مناهضين مطالبين. وحين تنطفئ أضواء الحملة البرتقالية نُعيد ترتيب رفوفنا استعداداً لمهرجان جديد!

قوموا، أعدّوا لحروبكم، وإلاّ فلتتركوا إنسانيتكم وتُكملوا الحديث عن مدينتكم الفاضلة بعيداً عنّا!

العدد 1105 - 01/5/2024