إنما للصبر حدود ياحكومة!

رمضان إبراهيم:  

 لا أعتقد أن أحداً يخالفني الرأي عندما أقول إن ضعف دخل المواطن مقارنة بأسعار المواد ومتطلبات العيش والحياة الكريمة بات يسبب ضرباً من الجنون! ومن يخالفني في هذا فلينظر إلى الفقر الذي تعيشه نسبة كبيرة من السوريين، إضافة إلى زيادة أعداد الناس الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر، وهذا لا يدعو أبداً إلى الاطمئنان بأننا نسير في الاتجاه الصحيح الذي يحقق للمواطن دخلاً محترماً يؤمّن له حياة محترمة أيضاً! فالمواطن الذي ليس لديه فرصة عمل ولا يملك دخلاً يعيش منه هو وأسرته قد يلجأ للقيام بأعمال وتصرفات تتعارض تعارضاً تاماً مع القانون والأخلاق بما في ذلك السرقة، أو قد يلجأ إلى ارتكاب الجرائم المختلفة في إطار بحثه عن لقمة عيشه (ولا أبرر له ذلك) وفي إطار الصراع الطبقي مع المتخمين من طبقات أخرى في الدولة أو محسوبين على اشخاص في الدولة. والموظف الذي لا يكفيه راتبه أكثر من عشرة أيام في الشهر سيلجأ لابتزاز المواطن والمراجعين أو سرقتهم أو التواطؤ مع المتعهدين والمستثمرين الذين يعملون مع مؤسسته، أو الدخول في الصفقات على حساب المال العام، أو الهروب من الدوام والانشغال بعمل آخر، وهذا ما يلاحظه كل من يسأل سائق تكسي أو سرفيس أو صاحب بسطة أحياناً. والفقير الذي يصاب بالمرض ويذهب إلى المشافي العامة ويعجز عن تسديد تكاليف علاجه المرتفعة إذا كان مريض قلبية أو عظمية – حين يحتاج للملايين قيمة أدوات ومستهلكات طبية لعمليته- أو غير ذلك قد يضطّر هو أو أحد أفراد أسرته للتسول أو اللجوء لمناشدة أهل الخير أو السرقة لتأمين قيمة التكاليف التي باتت تفرضها هذه المشافي خلافاً لما ينص عليه الدستور الذي ينص على تقديم العلاج المجاني للمريض!

ولكن قد يقول لنا قائل أو محتج إن ازدياد حالات الفقر في بلدنا قد نشأ بسبب الحرب والخلل والفساد وسوء الإدارة! ونقول له إن على الحكومة التدخل قبل استفحال الأمر، لأن ذلك سيكون له منعكسات سلبية كثيرة وتداعيات خطيرة يوماً بعد يوم، فإذا بقيت الحكومة في واد وأوضاع أبناء الطبقتين الفقيرة والوسطى في واد آخر، فعلى المواطن وعلى الدنيا السلام.

أخيراً، ما نأمله ونتمناه من هذه الحكومة أن نشهد قريباَ وقريباً جداً خطوات وقرارات مباشرة لصالح ذوي الدخل المحدود بشكل خاص والمواطنين من أبناء الطبقتين المذكورتين بشكل عام وبما يقلل من تلك المنعكسات والتداعيات، ويوفّر البيئة المناسبة للمساهمة في المزيد من العمل الصحيح والتنمية وزيادة الإنتاج وتحسين واقع الاقتصاد الوطني.

فهل ستسمع الحكومة صراخ أبناء الشعب أم سنبقى نؤجّل ونؤجّل القيام بهذه الخطوات بذرائع غير كافية ومبررات غير مقنعة وسيبقى لسان حال المواطن يقول: إنما للصبر حدود، يا حكومة!

 

العدد 1104 - 24/4/2024