مشكلة صناعة الرغيف… مازالت مستمرة

ولاء العنيد:  

 إنه أنا من جديد، فهل من أحد يسمع ندائي؟ أنا هو ذاك الضيف الذي لا يخلو بيت منه وإن خلا بات أهله جياعاً أو بحثوا عن بديل ثانٍ لا يكفيهم حاجتهم ولا يغنيهم عني كثيراً، فأنا وحدي سأبقى صاحب الرائحة الشهية التي لا تقاوم والطعم الطيب الذي لا يطيب الطعام من دونه..وحتى عندما أكون جافاً يابساً فهناك دائماً من يتمنى الحصول علي.

رغم انقشاع سواد الحرب، ما زال الوضع على حاله لم يتغير الكثير، فالطوابير على أفران الخبز كما هي، والباعة الذين يقفون بجانب الأفران هم أنفسهم لم يتغيروا.. فالوجوه نفسها والاتفاقيات السابقة نفسها مقابل مبلغ إضافي.

يفضّل صاحب الفرن بيع الخبز بالجملة علفاً للحيوانات عوضاً عن بيع للناس الذي ينتظرون من ساعات الصباح الباكر عند شبابيك الأفران، ليخفي بذلك سوء صنعته وعجنته…او يقوم ببيعه بكميات كبيرة للباعة الذي يعرضون الخبز على الطرقات لقاء مبلغ مالي زهيد.

ولكن السؤال الذي يدور في خلد كل سوري: لماذا تختلف جودة الرغيف من مخبز إلى آخر؟ فإن كان الطحين نفسه وتوزعه الجهات الرسمية التي أشرفت على صنعه وخلطه بمكونات إضافية تحسن من جودته، فلماذا لا يكون بالجودة نفسها في كل المخابز؟!

فهي ليست بالفوارق الصغيرة والمتقاربة بل هي اختلافات كبيرة تصل إلى حد أن يكون الخبز الذي تنتجه بعض الأفران غير ناضج نتيجة التلاعب بمقادير مكوناته، بينما يكون في أفران أخرى ممتازاً جداً يضاهي بجودته ورقته ونضجه أفضل أنواع الخبز؟!

ويعود سبب سوء صناعته إلى أن أصحاب الأفران يسرقون الطحين ويستبدلون به نوعاً أقل جودة ليبيعوا المواد الأولية بشكل غير قانوني، فتكون النتيجة رغيفاً غير جيد يمثل علفاً جيداً للحيوانات يباع بأسعار إضافية، أو أن العمال في المخابز غير مؤهلين بالشكل الكافي لصناعة رغيف خبز ممتاز لا يضر بقلة نضجه ورداءة طعمه المواطنين. وفي كلتا الحالتين إن لم تتدخل الحكومة السورية تدخلاً مناسباً فسيبقى التلاعب بغذاء السوريين الأساسي مستمراً.

ففي الحالة الأولى تقع المسؤولية على قسم الرقابة الذي يجدر به التأكد من عدم بيع طحين الخبز المعتمد من قبل الدولة لأفران خاصة. أما في الحالة الثانية فيكون اللوم على مدير المخبز، الذي لم يعمل على كشف نقطة الضعف في رحلة الرغيف لديه، فلربما يكون العمال لا يجيدون مهنتهم ولم يسعوا لتطويرها، لذا عليه أن يحاول أن يعيد تأهيلهم وتدريبهم على المهارات التي يحتاجونها لصناعة رغيف جيد.

فإن عملت الجهات المختصة على رفع مستوى الإشراف على المخابز وتحسين جودة الرغيف فيها، تكون قد حلت عدة عقبات في وقت واحد، أهمها الازدحام الكبير على الأفران التي تنتج خبزاً جيداً… ومنع التلاعب بالعيارات المحددة وغشها وبيعها للتجار وتدريب وتأهيل العمال لرفع كفاءتهم ومستوى رغيفهم. وربما يكون الحل بتحفيز العمال عبر زيادة أجورهم وتطوير مهاراتهم لتصب هذه الخبرات في النهاية بهدف صناعة رغيف في كل المخابز بمستوى ممتاز جداً وبكميات كافية تلبي حاجة المواطنين وتقيهم مغبة الوقوف ساعات للحصول على ربطة خبز واحدة تسد جوعهم، فلماذا يطول حل مشكلة الأفران رغم المشكلات الكبيرة التي تدور حولها والتي بات السوريين يعلمون خباياها؟ ألم يحن الوقت لجعل لقمة عيش المواطن بعيدة عن فساد المستفيدين وقلة خبرة بعض العاملين؟!

ونبقى على أمل أن يأتي يوم لا يضطر المواطن الانتظار طويلاً للحصول على كفاية يومه من الخبز، وأن لا يجبر على رميه لعدم نضجه، فحقّه أن يحصل عليه بكل سهولة وأن يكون كما عهدناه دائماً شهياً ناضجاً لا تشوبه شائبة.

العدد 1104 - 24/4/2024