تشاركية من جديد!

محمود هلال: 

التشاركية مصطلح يدخل في جميع نواحي الحياة، إذ يمكن تطبيقه في الاقتصاد والسياسة والمجتمع والإعلام والاتصالات وفي الفضاء والعلوم والكمبيوتر والبرمجيات وفي كل ما يخطر بالبال.

ويمكن لهذا المصطلح أن يصنع المعجزات ويحقق السعادة والرفاهية لأفراد المجتمع، إذا استُخدم على نحو فعال وخلاق، وجرى تنسيق جيد بين الأطراف الداخلة في التشاركية. كالتشاركية بين القطاعين العام والخاص مثلاً، أو التشاركية بين الزوج والزوجة في تدبير شؤون الحياة وصنع القرار، والقيام بالأعمال المنزلية، والإنفاق والمشتريات والمصاريف وغيرها، وهذا بالتأكيد سيجعل زواجهما مثمراً وقابلاً للاستمرارية والديمومة.

لقد جرى الحديث عن التشاركية قبل الأزمة وسنوات الحرب كثيراً، والآن وقد أخذت الحرب تضع أوزارها والكثير من المناطق والأراضي السورية تحررت من سيطرة الإرهاب وعادت إلى كنف الدولة وسيطرتها، يجب إعادة تفعيل مصطلح التشاركية من جديد، للقضاء نهائياً على الإرهاب، ومن أجل إعادة الإعمار ومكافحة الفساد ومحاربة تجار الحرب ومحاسبتهم.

بات من الضروري إطلاق دعوات التشاركية بين المواطنين والحكومة، لإعادة بناء ما هدمته الحرب، وإطلاق حملات النظافة في المحافظات، بهدف الحفاظ على جمال المدن وحماية البيئة، إضافة إلى تعزيز ثقافة العمل التطوعي في المجتمعات المحلية، ومثل ذلك يفعل العمل التشاركي ويدفع إلى تعاون جميع الفعاليات الخدمية والمجتمع الأهلي والفعاليات الاقتصادية للاهتمام بواقع النظافة وتحسين واقع الخدمات في المدن والحد من التلوث، والتفكير الجدي بإقامة مصانع للقمامة للاستفادة منها بإعادة تدويرها مثلما تفعل الكثير من دول العالم.

ويمكن بهذا الخصوص أن تطلق وزارة الثقافة حملة تشاركية مع المفكرين والأدباء والمثقفين للتخلص من المخلفات الفكرية والفكر الظلامي المتطرف وأفكار التعصب والتجهيل التي أعادت المجتمع قروناً للوراء، وإطلاق حملات لنشر الفكر التنويري العلماني، لأن إضاءة العقول ونظافتها أهم من نظافة الشوارع.

ومهم جداً أن تقوم وزارة الداخلية بحملة ملاحقة للخارجين على القانون وللمطلوبين أصحاب السوابق، والفارين من وجه العدالة ومرتكبي جرائم القتل، ومشكّلي عصابات الإجرام والسلب والنهب وجميع من صدرت بحقهم مذكرات توقيف قضائية. ولا شك أن مثل هذه الحملات تلاقي الترحيب من المواطنين، لأنها حملات تنظيف البلد من كل هؤلاء الخارجين على القانون، ومهم جداً الاستمرار بها، لتأكيد أنه لا أحد فوق القانون، والأحكام التي يصدرها القضاء يجب أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ من قبل الجهات المعنية، كما أن عدم تنفيذ هذه الأحكام سيؤدي إلى تهميش سلطة القضاء، وسيزيد من سطوة الذين يعبثون بأمن الوطن والمواطن.

ومن الضروري أيضاً استمرار الحملة على الفاسدين والمفسدين، وتفعيل المشاركة بين الحكومة والمواطنين في محاربة الفساد، والتصدي له على مختلف المستويات، وفضح كل الفاسدين والمفسدين، وذلك بتفعيل الدور الرقابي للمواطنين ولوسائل الإعلام، وأن يتحمل الجميع مسؤولياتهم في هذه الحملة.

 

العدد 1104 - 24/4/2024