خطر القرارات الحكومية

سليمان أمين: 

 يقف الشعب الكادح اليوم على مذبح القرارات الحكومية الأشد طيشاً من الرصاص الأعمى القاتل ، فهي الأكثر خطراً على حياة المجتمع ، فهذه القرارات التي تصدر بشكل عبثي وغير مدروس على شكل إشاعة لتثير ضجة وصخب اجتماعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيره، ليُلقى بعدها صوت الشعب المدافع عن أبسط حقوقه الذي صانها الدستور والرافض لها بقوة في سلة المهملات، وتبقى القرارات الوزارية هي الأقوى من كل شيء .

ومؤخراً خرجت الشركة السورية للاتصالات بقرارات جديدة، تثير الرأي العام بقوة كبيرة، وبعد أن نفت ذلك في البداية وأنها مجرد إشاعات لا أكثر فإنها بعد عدة أيام تقّر قراراها حول سياسة نظام شرائح الإنترنت الذي سيبدأ تطبيقه مع بداية عام 2019. رغم أن هذا القرار بنظر المختصين هو قرار سيئ جداً غير مدروس، فخدمة الإنترنت في دول العالم شبه مجانية، فعلى سبيل المثال في هولندا سرعة النت تبلغ 100 (ميغا بت) يدفع المواطن 5,32 يورو شهرياً والحد الأدنى للدخل لديهم 1400 يورو شهرياً ما يعني أن سرعة النت 100 ميغا يدفع المشترك 4,2% من راتبه فقط ، بينما في سورية الحد الأدنى للدخل في أفضل حالته يبلغ 40 ألف ليرة سورية لسرعة إنترنت 1 ميغا يدفع المشترك 2700 ليرة يعني حوالي 75,6% من الراتب مع الأخذ بعين الاعتبار أن المقارنة غير عادلة لأننا نتكلم هنا عن انترنت سرعته 100 ضعف. وتتحفنا وزارة الاتصالات بتصريحات مسؤوليها الدائمة بأن الانترنت في سورية هو الأرخص .

ولم تكد تنتهي الاتصالات السورية من مشاريع قراراتها التي أرهقت المواطن لسنوات الحرب الطويلة، حتى أطل علينا المدير العام للهيئة الناظمة للاتصالات والبريد إباء عويشق موضحاً ما أثير حول حجب مكالمات وسائل التواصل الاجتماعي (واتس +فيس بوك ..الخ) هي قيد الدراسة، معتبراً أن أسعار الاتصالات في سورية معقولة بالنسبة لدخل المواطن، وأن قطاع الاتصالات من القطاعات التي لم ترتفع فيها الأسعار كثيراً.

مع العلم بأن أسعار الاتصالات السورية مرتفعة جداً وفق الدخل الشهري للفرد مقارنة بالدول الأخرى حسب اطلاعنا ومعرفتنا .

وليست هذه القرارات سوى أمثلة بسيطة أمام ما صدر ويصدر وما هو قيد الدراسة.

لقد أصبحت الأمور أكثر تعقيداً بازديادها عن حدها الواقعي بكثير، والشعب مازال ينتظر ويتأمل بالقادم لعله يحمل معه فرجاً ومخرجاً لحالته الاجتماعية التي يرثى لها، لسنوات طويلة لم يلقَ صوت الشعب السوري أي اعتبار، بقي مهمشاً خائباً بينما مسؤولو حكومتنا يعبثون ويساومون ويصدرون ما يحلو لهم من قرارات تجوع وتستغل المواطنين وتجبرهم على دفع الأتاوات، والمواطن مازال يتساءل ماذا فعلت الحكومة؟؟

حتى اليوم لا نعلم لماذا يحدث ذلك؟

هل هي الرغبة الدفينة في إهلاك الشعب وتجويعه أكثر ؟؟ هل هو العطش الدائم لرؤية الناس يتلوون هما و ألماً ؟؟ هل هي الرغبة في تهجير من تبقى؟ تساؤلات كثيرة تدور في عقل كل فرد يعيش في ظل هذه الظروف المجتمعية القاهرة والسيئة، باحثاً عن إجابة يقنع نفسه فيها ليكبح جماح غضبه، كرمى لوطن وأرض أحبها بإخلاص وشرف، ناظراً إلى المستقبل لعلّه سيكون أفضل مما مضى، فما زالت الثقة لدى الشعب كبيرة بالقادم وبأن من كانوا السبب في إفقاره وتجويعه وتلويعه بقراراتهم سيلقون عقابهم، فالقانون فوق الجميع.

العدد 1104 - 24/4/2024