أردوغان.. والأخطار القاتلة بحق سورية وغيرها!

د. صياح عزام:

صرح أردوغان مؤخراً بأنه لم يرتكب خطأ واحداً في سورية منذ عام 2011، أي منذ بداية أحداث الشغب في سورية حتى الآن!

تصريح غريب ومدهش، وأقل ما يقال فيه إنه بعيد عن الحقيقة والواقع، إلا أنه يدل في الوقت نفسه من حيث نبرته وسياقه وزمانه على أن سياسة أردوغان في سورية، وخاصة في الأعوام الأربعة الأخيرة، لم تعد مقنعة لقطاع واسع من الأتراك، وأنها تواجَه بانتقادات لاذعة حتى في صفوف حزبه وحكومته، دع عنك المعارضة والخصوص والمتضررين الكثر من سياسته وممارساته.

وتعقيباً على هذا التصريح نورد فيما يلي قائمة مختصرة بالأخطاء والخطايا التي قارفها أردوغان وحزبه وحكومته بحق سورية وشعبها وقيادتها وجيشها:

أولاً- انضمام أردوغان إلى مجموعة من حكام المنطقة والعالم ممن انهمكوا في عد الأيام الأخيرة للرئيس بشار الأسد، وذهب أردوغان إلى أبعد من ذلك عندما توعد بأداء الصلاة في الجامع الأموي بدمشق، بينما هو اليوم يفاوض على شريط معزول من السلاح والإرهابيين، ويذكّره الرئيس بوتين يومياً بأن اتفاق سوتشي مؤقت وبأن إدلب ستعود إلى حضن الدولة السورية في نهاية المطاف.

ثانياً- الخطأ الفادح والأكبر لأردوغان أنه سمح بفتح حدود بلاده أمام المرتزقة الأجانب والعرب من كل لون وجنس وعقيدة للدخول إلى سورية، ومنها إلى العراق أحياناً، متوهماً أنه بذلك يعجل في عملية إسقاط الدولة السورية ورئيسها الشرعي، وتحقيق أحلامه بتحويل سورية إلى مزرعة خلفية له ومنطقة نفوذ.

ثالثاً- أخطأ أردوغان عندما رفع منسوب الخطاب الديني والمذهبي في لغته، وسعى لتقديم نفسه ناطقاً باسم الإسلام السنّي، في مواجهة (إيران الشيعية) وحلفائها، الأمر الذي لم يعد أحد معه ينظر إلى تركيا كنموذج لتعايش الإسلام مع الديمقراطية والعلمانية، كما حاول أردوغان أن يصور بلاده في بداية استلامه السلطة.

رابعاً- أخطأ أردوغان أيضاً عندما اصطفى جماعة الإخوان المسلمين حليفاً له الأولوية في الرعاية والدعم، مقامراً بذلك بعلاقاته مع دول عربية وازنة.

خامساً- إن صورة تركيا في العالم لم تعد كما كانت من قبل، وما يدل على ذلك أكداس المقالات والدراسات والتقارير، بكل اللغات، التي تتحدث عن انتكاس سياسة (صفر مشاكل مع الجيران وغير الجيران)، التي أطلقها أردوغان، وتحول هذه السياسة إلى كم هائل من المشاكل مع الآخرين، ولاسيما منها التواطؤ مع الإرهاب ودعمه وتسليحه، وكل من تجرأ على انتقاد ذلك كان مصيره السجن أو الموت أو النفي.

سادساً- احتضن أردوغان في بلاده ما تسمي نفسها المعارضة السورية، وقدم لها المأوى والمال والمنابر الإعلامية، علماً بأن هذه المعارضة ليس لها أي قواعد شعبية أو جماهيرية في سورية، ومعظم قادتها لا يعرفون عن سورية شيئاً وبعضهم متعامل مع إسرائيل وقام بزيارتها وطلب من نتنياهو قصف دمشق.

سابعاً- حاول أردوغان أكثر من مرة وبالتنسيق مع دول خليجية معروفة وفي مقدمتها قطر والسعودية، أن يستدعي حلف الأطلسي لضرب سورية على غرار ما جرى في ليبيا.

هذا غيض من فيض من أخطاء أردوغان في سورية، علاوة على تدخله العسكري المباشر عبر عمليات مزيفة مثل (غصن الزيتون ودرع الفرات) وغيرهما، فقد احتل الجيش التركي مساحات واسعة من أراضي الشمال السوري بذريعة عدم السماح للأكراد في سورية بإقامة كيان مستقل على الحدود التركية السورية.

والسؤال: كيف لعاقل أن يصدّق تصريح أردوغان الأخير بأنه لم يرتكب خطأ واحداً بحق سورية؟ لا أحد يصدق ذلك، لا في تركيا ولا خارجها، لأن الوقائع واضحة.

وإذا ما جئنا إلى أخطائه الأخرى نجدها كثيرة أيضاً بحق مكونات ودول أخرى منها:

– تحرشه بروسيا الاتحادية وإسقاطه طائرة حربية لها ظناً منه أن حلف الأطلسي سيحميه، ولكنه اصطدم بجدار الحقيقة وعاد إلى الرئيس بوتين يستعطفه ويعتذر له.

– تحرشه بالعراق أكثر من مرة وتوغل الجيش التركي في الأراضي العراقية بذريعة محاربة فصائل كردية.

– أخطأ بحق أكراد تركيا عندما قضى على مسار الحوار والسلام معهم، وعادت المسألة الكردية في بلاده إلى مربع العنف الأول، بعد أن لاحت في الأفق بوادر حلها سلمياً.

– اتباعه أساليب المناورة والخداع في سياساته من خلال الرقص على أكثر من حبل، فمرة يتجه نحو روسيا، وأخرى يحاول تحسين علاقاته مع الولايات المتحدة، متجاهلاً أن واشنطن لا تريد شركاء، بل (بقرات حلابات) وأتباع أذلاء ومنفذين لسياستها.

– علاقات بلاده سيئة مع غالبية الدولة الأوربية بسبب ابتزازها بمسألة المهاجرين وغير ذلك.

إذاً أين هو الصح (أو عدم الخطأ) في سياسات أردوغان نحو سورية وغيرها على ضوء ما سقناه من أمثلة ووقائع؟ نترك الإجابة للقارئ!

العدد 1104 - 24/4/2024