أيلول… والحكاية دماء إلى طلاب معهد سيد درويش في جرمانا

أيلول يفرك أذنَيْ روحنا ويشدنا إلى الغرف الصغيرة الأكثر دفئاً، وينبئنا بالبرد وبأجراس المدارس والمدفأة وعروسة الزعتر التي نخبئها في حقيبة الكتب.

 وأيلول ذلك المستلقي على عتبات الفصول يحد كل النهايات ويعلن بدء عام جديد.

كم سيأتي حزيناً هذا العام! وكم سيلملم الطهر من سمائه ليزجَّها مطراً فوق قبور الشهداء! وكم سوف تفلت من عقال أغصانه وريقات تعبت من أخضر الغلال؟

فجأة، يرتفع صوت (التون) إلى أعلى درجاته على السلم الموسيقي (440) درجة على المسامع والأرواح الطرية الصغيرة، وعند صوت الانفجار هناك عشاق الموسيقا وطلاب معهد سيد درويش للموسيقا في جرمانا تعلموا كل أنواع الأصوات العذبة البشرية والآلية والرخيمة والحادة، وتعلّموا أيضاً كيف يفتحون آذانهم على مصراعيها إلى رحابة الصوت وتنويعات الموسيقا.

 لكنهم لم يعرفوا ولم يتوقعوا أن يلامس أرواحهم صوت الانفجار على حين غرة ويصل إلى أعلى درجاته التدميرية، فقد عرفوا منذ تلك اللحظة أن للصوت قدرات بشعة لاتميز بين عصفور يطير وطفل يطيّر أصابعه كفراشة فوق سلالم البيانو، أو آخر تعلو عينيه مع طيارته الورقية.

أيها العابرون فوق أحلام طفولتنا البيضاء، أوقفوا إجرامكم! وأبعدوا أصابعكم السوداء عن موسيقانا ونشيد البراءة والفرح! ولاتخربشوا أطماعكم السياسية على حائط موسيقانا، (نحن نحب الموسيقا إذاً نحن نحب الحياة)، كما قالها فيلسوف قديم.

لكنه الشر بلونه الواحد، والذي يبدو بألوان متعددة، يخطف الأبصار فجأة أمام معهدنا، وصفير الهاوية ينحدر أكثر إلى عمق الحكاية يعلو هدير الطائرات والرصاص في سماء أيلول.

العدد 1105 - 01/5/2024