الرئيس الأسد للزميلة «تشرين»: الشعب السوري هو الذي صنع حرب تشرين بصموده

وباحتضانه للقوات المسلحة صانعة تاريخ سورية منذ الاستقلال

خصّ السيد الرئيس بشار الأسد صحيفة (تشرين) بمقابلة في الذكرى الأربعين لحرب تشرين التحريرية، التي كان من أهم انتصاراتها المتعددة انتصار الإرادة والعقل العربي، والانتصار على الخوف والأوهام في مرحلة ما قبل هذه الحرب المجيدة التي أعقبها بعد عامين صدور أول عدد من صحيفة »تشرين« التي كانت ثمرة من ثمار انتصار حرب تشرين التحريرية.نقتطف منها المقاطع التالية:

حول مفهوم الانتصارات قال السيدالرئيس:

غالباً ما نتحدث، وغالباً ما يتحدث معظم الناس حول الانتصارات في المعارك العسكرية فقط.. أي بالجانب العسكري أو بالمعنى العسكري فقط، وغالباً ما يبدؤون بقياس الانتصارات من خلال الأمتار التي كسبتها الجيوش أو التي خسرتها.. وكثيراً ما قُيّمت حرب تشرين انطلاقاً من هذا الموضوع. ولكن الحقيقة أن مفهوم الانتصار أشمل من ذلك، أهمّ شيء في حرب تشرين هو انتصار الإرادة، أهمّ شيء في حرب تشرين هو انتصار العقل العربي، عندما تمكّن هذا العقل من معرفة أين تكمن مصلحته الحقيقية، هذا العقل الجماعي لكل المجتمع العربي أو للدول العربية تمكّن من تحويل هذه الرؤية إلى تنفيذ أو تطبيق عملي أدى إلى انتصارات حرب تشرين، وأهمها الانتصار على الخوف والانتصار على الأوهام التي وُضعت في عقول المواطنين العرب في المرحلة التي تلت حرب 1967والتي سبقت حرب ،1973 تمكّن العقل العربي حينذاك من هزيمة هذا الوهم.

 وأضاف: إن وحدة هذا المجتمع هي التي ستعطي القوات المسلحة العامل الأكبر لتحقيق الانتصار بأسرع وقت ممكن. فبالعودة إلى السؤال.. نعم نستطيع أن نحقق هذا الانتصار.. وأوّل انتصار وأكبر انتصار اليوم هو أن نقضي على الإرهابيين والإرهاب والفكر الإرهابي، وبالتالي أن نقضي بالمحصلة على المخطّط الذي وضعته بعض دول الخارج، وساهمت فيه دول أخرى في منطقتنا من أجل تدمير سورية. الأهم من ذلك هو أن نؤمن بهذا الانتصار، عندما يوجد الإيمان داخل كل إنسان فينا بأننا قادرون على الانتصار، فبكلّ تأكيد سنحقّق النصر.

وحول تحمل المسؤوليات قال:

عندما يكون هناك خلل على المستوى الوطني، فكل الوطن وكل المواطنين مسؤولون عن هذا الخلل بدرجات متفاوتة. طبعاً أول من يتحمّل مسؤولية الخلل على المستوى الوطني بشكل طبيعي هو الحكومة، أي حكومة، ثم يأتي دور الأحزاب الموجودة، والجمعيات الأهلية والمؤسسات الخاصة المختلفة. ثم يأتي دور كل فرد في منزله وفي مجتمعه وفي كل مكان، هنا نسأل أنفسنا سؤالاً، عندما يكون لدينا خلل، كأن يكون لدينا مرتزق سوري، متطرّف سوري، مجرم سوري، بغضّ النظر عن العوامل الخارجية – لنضعها جانباً الآن – فهل هؤلاء هم من إنتاج الخارج؟ هم أولاً من إنتاج الداخل. فإذا كانت هناك مؤثرات أتت من الخارج فهي أثرت لأن هناك خللاً في بنية هذا الفرد. فإذاً علينا أولاً أن نحمّل أنفسنا المسؤولية في هذا الخلل الذي نتحمّله جميعاً.

وتطرق السيد الرئيس إلى المبادرة الروسية قائلاً:

بالحقيقة هذه المبادرة كان اتُفق عليها بين سورية وروسيا، وطرحتها روسيا، ولكن تم إعلانها لاحقاً بطريقة مختلفة. فبالنسبة لنا، البيئة التي لم تنجح معنا في عام 2003 لطرح فكرة التخلص من السلاح الكيميائي، توفرت في المبادرة الروسية، ولكن لأهداف مختلفة، وفي ظروف مختلفة، وبالتالي كانت النتيجة أن استخدام هذه الورقة لتعزيز الموقف الروسي والصيني وموقف الدول الأخرى الداعمة لسورية، يخدم بطريقة أخرى قوة الموقف السوري في مواجهته لهذه الأزمة.

وحول انعقاد مؤتمر جنيف 2قال:

نحن في سورية نقول دائماً: إن كل يوم هو مناسب لمؤتمر جنيف، فسورية جاهزة دائماً منذ أن طُرح الموضوع ووافقنا عليه، ولكن الكرة في الملعب الأمريكي والدول التابعة لأمريكا في منطقتنا.  ولا توجد لدينا شروط سوى عدم التفاوض مع الإرهابيين، وإلقاء السلاح، وعدم الدعوة للتدخل الأجنبي. الشرط الأساسي أن يكون الحلّ سورياً، وأن يكون الحوار سياسياً، أما إذا كان الحوار هو حوار بالسلاح فلماذا نذهب إلى جنيف؟!

كما أكد السيد الرئيس أوّلية مكافحة الإرهاب قائلاً:

محاربة الإرهاب هي أولية الآن. فيجب أن نتوحد في هذا الموضوع أولاً، وثانياً يجب أن نبتعد عن الاتكالية. لدينا مجموعات في سورية بدأت ترى القضية في شكل موضوعي، وهناك مجموعات رأتها منذ البداية، ولكن كلا هاتين المجموعتين يتكل على الآخرين. يعني أن نتكل على غيرنا لن نحقق أي شيء على الأرض، وبالتالي لن يكون هناك حل قريب، وستطول الأزمة، وكلما طالت صعُب حلها.

أما عن دور الغرب والولايات المتحدة فقال:

إذا أراد الغرب أن يقوم بحل  فهو قادر على المساعدة في هذا الحل، لكن هذا العمل يبدأ من إيقاف دعم المجموعات الإرهابية في سورية، سواء الموجودة داخل سورية أم التي تأتي من الخارج بشكل مستمر، أن يتوقّف عن مدّها بالسلاح ودعمها معنوياً، وسياسياً وإعلامياً، ومالياً. طبعاً ليس بالضرورة أن يكون هذا الغرب هو الذي يقوم بهذه الأعمال، وإنما بواسطة أدواته في المنطقة، وفي مقدمتها السعودية وتركيا. إذا كان هناك حل سياسي ينطلق من هذه الفكرة فعندئذ نستطيع أن نقول إن هناك حلاً سريعاً للأزمة في سورية.

 وأضاف: من معرفتنا بالجانب الأمريكي، لا يمكن الوثوق به. لا يمكن لأقرب حلفاء أمريكا أن يقدّموا ضمانات لأي شيء تعلنه أمريكا، فالولايات المتحدة ليس من تاريخها الالتزام بأي شيء تقوله، ويمكن أن تقول شيئاً في الصباح وتفعل عكسه في المساء.

 وختم السيد الرئيس حديثه عن نصر تشرين قائلاً:

 الشعب السوري هو الذي صنع حرب تشرين بصموده وباحتضانه للقوات المسلحة.. وهذا الشعب عمره آلاف السنين، ومرّت عليه كوارث طبيعية وحروب ومجازر وإبادات مختلفة، ومع ذلك بقي هذا الشعب صامداً وقوياً، وبقيت سورية وخاصة دمشق وحلب موجودتين عبر التاريخ.  في الوقت الذي انهارت فيه واختفت عن الوجود حضارات ومدن أخرى وعواصم في منطقتنا. فهي ليست الأزمة الأولى، وربما لن تكون الأخيرة، بالنسبة للمدى المنظور وبالنسبة للأجيال المستقبلية. فإذاً هذه الأزمة على شدّتها يجب ألا تخيفنا ولا تجعلنا نشعر بأننا نفقد الأمل.

 وأضاف: عندما نتحدث اليوم عن حرب تخوضها سورية فذلك لا يعني أن الحرب يخوضها فقط العسكري، وإنما يخوضها كل مواطن سوري، كل من موقعه. فعندما يذهب المعلّم إلى المدرسة فهو يقاتل.. وعندما يذهب الطالب إلى المدرسة وأهله يقومون بإرساله إلى المدرسة فهذا أيضاً جزء من الحرب وجزء من الدفاع عن سورية.. عندما يذهب العامل والموظف وكل صاحب عمل خاص إلى عمله، فأيضاً هذا جزء من المعركة.

العدد 1105 - 01/5/2024