الحضانة بين الحق والمصلحة

نظم قانون الأحوال الشخصية السوري أحكام الحضانة في المواد (من 137 إلى 151)، ذلك  أن الحضانة حق من حقوق الطفل وضعت لمصلحته لتتم رعايته في المرحلة التي لا يعي فيها هو مصلحته، وغير قادر على تأمين حياته.

وبذلك يمكن تعريف الحضانة بأنها: الالتزام بتربية طفل ورعايته في سن معينة ممن يحق له ذلك شرعاً،وتعود الأولوية في الحضانة حسب ما جاء في المادة (139)من القانون للأم، فلأمها وان علت، فلأم الأب وإن علت، فللأخت الشقيقة، فللأخت لأم، فللأخت لأب، فلبنت الشقيقة، فبنت الأخت لأم، فبنت الأخت لأب، فللخالات، فللعمات، بهذا الترتيب، ثم للعصبات من الذكور على ترتيب الإرث.وفي حال تعدد أصحاب الحضانة فللقاضي حق اختيار الأصلح لحضانته .

أما مدة الحضانة، بعد تعديل المادة 146 – أحوال  فأصبحت للفتى 13سنة، وللفتاة 15 سنة بعد أن كانت  سبع سنوات للفتى وتسع سنوات للفتاة.

فما هي الشروط الواجب  توافرها في الحاضن؟؟

 نص المشرع السوري في المادة 137 على: يشترط لأهلية الحاضن البلوغ والعقل والقدرة على صيانة الولد صحة وخلقاً.

أما حالات سقوط الحضانة فهي كالتالي:

1- عجز الحاضنة عن القيام بالحضانة لوجود علة في جسمها.

2-أن لا تكون الحاضنة متزوجة بأجنبي عن الطفل المحضون إلا إذا كانت متزوجة بذي رحم محرم منه كعم المحضون،المادة 138- أحوال: (زواج الحاضنة بغير قريب محرم من المحضون يسقط حضانتها). إن نص هذه الفقرة قد وضع المرأة  أمام خيارين: إما أن توافق على الزواج من القريب المحرم (وهنا من الجدير قوله إن هذا إجحاف غير مفهوم، لأن العكس لا يعني سقوط الحضانة كزواج الأب من امرأة اجنبية) وهنا لا خيار لها، إما أن تتخلى عن حق ابنها بحضانتها أو عن زواجها، وكان الأجدى بالمشرع أن يراعي استناداً إلى التطور الاجتماعي لدور المرأة ودورها في تربية الأطفال، التحقق من مصلحة المحضون من هذا الزواج. إن المنطق السليم، أن تعطى المرأة الحاضنة كامل حريتها وإرادتها في اختيار زوجها، دون أن يؤثر ذلك على حضانة طفلها ورعايته وتأمين احتياجاته.

وهل عمل المرأة يسقط حضانتها لطفلها؟

حقيقة لا يعد عمل المرأة مسقطاً لحضانتها، فقد جاء في المادة 139 من قانون الأحوال الشخصية بأنه  لا يسقط حق الحاضنة بحضانة أولادها بسبب عملها، إذا كانت تؤمن رعايتهم والعناية بهم بطريقة مقبولة. ومن المبادئ المقررة أن الحضانة من الحقوق المتجددة، فإذا سقطت الحضانة لسبب لأن حق الحضانة يعود، استناداً للقاعدة الفقهية القائلة: إذا زال المانع عاد الممنوع، ونص المادة 141 جاء بذلك: (يعود حق الحضانة إذا زال سبب سقوطه).

في سفر الحاضنة:

نصت المادة 148 من القانون على أن:

1 – ليس للأم أن تسافر بولدها أثناء الزوجية إلا بإذن أبيه.

 2 – للأم الحاضنة أن تسافر بالمحضون بعد انقضاء عدتها دون إذن الولي إلى بلدتها التي جرى فيها عقد نكاحها.

 3 – ولها أن تسافر به داخل القطر إلى البلدة التي تقيم فيها أو إلى البلدة التي تعمل فيها لدى أي جهة من الجهات العامة شريطة أن يكون أحد أقاربها المحارم مقيماً في تلك البلدة.

4- تملك الجدة لأم الحق نفسه المعطى بالفقرتين 2و3 السابقتين.

  من نص هذه المادة  نرى  أن: (الأم الحاضنة لا تستطيع أثناء قيام الزوجية السفر بالمحضون إلا بإذن الأب، في حين أن الأب (الزوج) يستطيع السفر بالأبناء، دون أن يكون للزوجة (الأم) أي دور أو علم بذلك، وهذا تفضيل للرجل وتعظيم لدوره على حساب حق المرأة.

والأجدى بالمشرع أن يراعي، استناداً إلى التطور الاجتماعي لدور المرأة ودورها في تربية الأطفال،  حقها  المتساوي مع الرجل في هذه الحضانة، وعلى التمتع بعدم سقوط الحضانة إلا بالشروط نفسها التي تسقط حضانة الرجل دون زيادة أو نقصان. فهل على المرأة أن تدبر لها أقرباء ولزوجها أقرباء في كل المدن والمحافظات السورية؟ لأنها لا تعلم بالضرورة أين تقودها المسافات والأعمال الدنيوية، وإلا فإنها دون ذلك تتخلى عن طفلها سلفاً.

العدد 1104 - 24/4/2024