أطفالنا ..أبناء الأزمة

تركت الأزمة التي تعصف بهذه البلاد الطيبة سلبيات كثيرة على  عدد من مناحي الحياة أثرت على حياتنا كلها، وأهم فئة أثّرت عليهم هي الأطفال، فمنهم من ولد في المدارس ومنهم في المخيمات ومنهم في الحدائق والطرقات، ما ذنبهم؟ لا أحد يدري …

وهكذا أنتجت الكوارث، منهم من وقع تحت صدمة نفسية كأن يصرخ ويبكي بلا سبب، ومنهم من عانى من التبول اللاإرادي، ومنهم من كان يجلس طوال الوقت صامتاً لا يأكل ولا يشرب.. أما المراهقون من الجنسين فأخذوا الأزمة بطريقة اللامبالاة وخاصة في مراكز الإيواء، حيث اجتمعت الأسر مع بعضها البعض، وتخبطت المشاكل ليتصادم الإخوة والآباء والأمهات والأبناء وفيما بينهم وكأن الجميع يشدّ الحبل دون وعي ودون أن يدري إلى أين. المراهقات والمراهقون كانوا في غيبوبة عما يحدث، وكان للمنظمات التي عملت في المراكز دور هام في دعم الأسر كالهلال الأحمر وراهبات الراعي الصالح وفريق الكشاف مع واحة الراعي كلهم عملوا ما بوسعهم لدعم النساء والأطفال والرجال، لكن ما يحدث للأسف أكبر من كل من يحاول المساعدة والدعم، فالأسر هُجّرت من بيوتها وخسرت كل ما لديها، أمانها وذكرياتها وروحها واستقرارها، أما الأجيال القادمة فهي تضيع وتضيع بين المخيمات والمراكز وبيوت الإيجار ودول الجوار، ويبدلون عاداتهم وطريقة حياتهم مع الظروف لتضيع هويتنا الحقيقية، إضافة إلى الحقد الذي يتوالد في القلوب، ونحن لا نرضى أن يبقى الحقد وأن يتوالد في قلوب أبنائنا تجاه بعضهم، لكن هذا ما يحدث وما يقهرنا كسوريين عشنا طوال عمرنا بمحبةً ولا نرضى أن تبقى العائلات في مراكز الإيواء لأنها تفقدهم خصوصيتهم وحياتهم، لذلك جلّ ما نتمناه العودة إلى بيوتنا وأن تستمر المصالحة بشكل جدّي، ونحن بدورنا سنعيد بناء بيوتنا كما كانت بل بشكل أفضل لأننا عرفنا الشروخ، التي كانت تعشعش في زوايا بيوتنا دون أن نشعر بها، ومنها سنبدأ لنعمل بقوّة ومحبّة وذكاء، فدمنا واحد وقلبنا واحد ووطننا واحد لأننا كلنا أهل ولو تخاصمنا، المهم أن نستفيد من تجربتنا وننقذ أبناءنا الذين لم يعودوا أبناءنا بل أبناء الأزمة التي جرحتهم وشتتهم وكسرتهم، ودورنا أن ننقذهم علّنا نستطيع لملمة ما تبقى من أرواحنا.

العدد 1104 - 24/4/2024