ومازلنا ننتظر الفرج

(الله يفرّج)..عبارة نسمعها كل يوم مئات وآلاف المرّات، كلمة عميقة عزيزة بمعانيها فهي استغاثة ودعوة لتفريج الهموم وزوال الكربات، لنسأل أنفسنا لماذا لم يفرّج الله همنا إلى اليوم؟ هل فكرنا بالسبب؟

منذ فترة كنت بأحد أسواق الشام سمعت شخصاً يصرخ وهو يشتري لأولاده بعض الحاجيات، ما هذا الغلاء؟ وهو يخبره بأوضاعه الصعبة وكيف هو مهجّر ويعيش في دار للايواء بعد أن احترق كلّ ما يملكه، (لدي كومة من الأولاد لا أستطيع شراء شيء لهم) لكن البائع يجيبه ببرودة :سهذا هو السوق وكلهم مثلي (الله يفرج عليك يا أخي) ثم أدار ظهره له ودخل الى محلّه دون اكتراث

في محلّ آخر كان يدور حديثٌ بين الزبون والبائع: (كيف حال أخيك المهجّر؟ أجابه البائع: لقد سكن عندي سنة ونصف لكني لم أتحمل نقّه وقلت له (دبّر حالك)، فأولاده صغار وأنا لم أستطع تحملّهم، واستأجروا في أحد الأحياء، الله يفرّج على الجميع..

هنالك شخص يحدّث آخر على الهاتف مائلاً: لديك مستأجر؟ لأن المستأجر الذي كان في بيتي طردته، لم يستطع أن يدفع الزيادة التي أريدها، الله يفرّج علينا وعليه بس أنا كمان بدي عيش..

أب يعمل على تزويج ابنه الذي لا يملك شيئاً، ويحلم أن يأتيه بدستة من الأولاد، فالرزقة تأتي مع الولد، للأسف هكذا يعتقدون، لكن بالواقع شيء آخر، وعند الأزمات يعرف الناس الصعوبة التي يعانيها الأهل، وهذا الأب يعمل على تزويج ابنه ليعيشوا جميعاً في مركز الإيواء على أمل (الله يفرّج) دون أن يعمل أحد منهم عملاً حقيقياً، فكلّهم عاطلون عن العمل..

ضحكتُ في سرّي كلهم يقولون: (الله يفرّج) وكلهم ينتظرون الفرج مع أنهم يديرون ظهورهم عندما يحتاجهم أحد ما، وكأن الأمر لا يعنيهم في العمل لمساعدة الآخرين، وكأن كل ما يحدث بعيد عنهم أو أنهم لن يذوقوا نفس الكأس..

العدد 1104 - 24/4/2024