خبير: مازلنا في مرحلة ما قبل الكلام.. المشاريع الصغيرة والمتوسطة والنزاع على الصندوق

مازالت المشاريع الصغيرة والمتوسطة حتى الآن ضمن إطار الخطط والاستراتجيات والأوراق، ولم تشهد ولادة حقيقية لأي خطوة تقوم بإنعاشها، وخاصة في ظل الظروف المؤسفة التي تمر بها سورية. ولا يخفى على أحد أن كل اقتصاد في العالم عندما يتعرض لضغوط خارجية وعقوبات، فإن الملاذ الوحيد له هو منشآته المحلية الوطنية بمختلف قطاعاته ونشاطاته، وخاصة الصغيرة منها والمتوسطة التي تعد نواة كل اقتصاد في العالم. وكان قد أُحدث صندوق لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة برأسمال 5 مليارات ليرة سورية، ولكن إلى الآن هناك خلاف حول الجهة التي يجب أن يتبعها هذا الصندوق، أو التي ستشرف على عمل هذه المشاريع بين وزارة الصناعة والاقتصاد والإدارة المحلية.

 

خبير اقتصادي: لا توجد إحصائية عن المشاريع الصغيرة والمتوسطة في سورية

الخبير الاقتصادي نضال طالب أوضح في تصريحه ل(النور) أن المتتبع لهذا الأمر يجد أن كل حكومة تأتي تتحدث عن المشاريع الصغيرة والمتوسطة، دون أي خطوة جدية تسجل لها لحساب هذه المشاريع.. فعملية دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة طرحت في الخطة الخمسية السابقة، ولكن إلى الآن لم يتوصلوا إلى تعريف ما هي الصناعات الصغيرة والمتوسطة. والمعروف أن هذه المشاريع تنتمي غالباً إلى القطاع الخاص. فعملت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية على وضع مؤشرات للصناعات الصغيرة والمتوسطة، وأعدوا استراتيجية بشأنها على تعاقب أربع وزارات. ولكن لم تصدر رسمياً حتى الآن وبقيت في الأدراج. وفي حال أردت الحصول على إحصائية عن عدد المشاريع الصغيرة والمتوسطة الموجودة في سورية من وزارة الاقتصاد، فإن ذلك مستحيل، وهذه بالطبع ثغرة للبداية الصحيحة.. فعدم وجود أي رقم إحصائي دقيق عن عدد المشاريع وطبيعة عملها، فستكون البداية خاطئة، وهذا بالطبع مسؤولية مديرية الشركات في وزارة الاقتصاد.

ورأى طالب أهمية أن تُحدث هيئة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تتبع لشخص يكون نائباً لرئيس مجلس الوزراء لشؤون المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتكون في عضويتها وزارتا الصناعة والاقتصاد، إضافة إلى باقي الفعاليات الاقتصادية الأخرى من سياحة وخدمات وغيرها، وبذلك نجمع جميع المعنيين على طاولة واحدة ونضعهم تحت إطار واحد. ففي حال كانت تابعة لجهة واحدة، يحدث تجاذب بين الوزارات، إذ إن أغلب الدول تجعل هيئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة تابعة لوزارة الاقتصاد. ولكن وزارتنا لم تستطع تحقيق ذلك إلى الآن. ومعظم الدول عملت على دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة وأحدثت في سبيل ذلك صناديق الدعم، مثل السعودية، فهناك صندوق التنمية الصناعية.

فالصناعة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة يجب أن تحتضنها الحكومة، وبعد أن تصبح كبيرة وقوية وفاعلة في المجتمع، يتم التخلي عن دعمها.

وأكد طالب أن الصناديق يجب أن تؤدي المهمة الخاصة بها، فقد عملت وزارة الصناعة على صندوق التنمية الصناعية منذ خمس سنوات، ولكنه لم يكتمل حتى الآن. مؤكداً أن فكرة الصناديق ليس اختراعاً سورياً، ولكننا للأسف مازلنا في مرحلة ما قبل الكلام، ولم نتعلم حتى الآن كيف نستفيد من الأفكار المستخدمة عالمياً في المجال الاقتصادي والصناعي.

 

تعليق..

وأخيراً نود تأكيد أن عدم التحرك جدياً في تنظيم هذه القطاع الحيوي في سورية، يضيّع الكثير من الفوائد على المواطن، وعلى الحكومة أيضاً.. ولا يخفى على أحد أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة كثيرة، في السوق السورية، وعدم تنظيمها ووضعها تحت مظلة واحدة يعني خسائر كثيرة وخاصة في ظل الوضع الراهن. فقد بات ضرورياً التركيز عليها والسعي بسرعة للاستفادة منها في ظل إغلاق الكثير من المعامل والشركات الكبيرة التي تجاوزت ال80 % وفقاً لبعض الصناعيين.مع أن المشروعات الباقية مازالت تضخ إنتاجها في السوق السورية.. فلا بد من المحافظة عليها قدر الإمكان وعدم إهمالها، والسعي لوضع هذه المشاريع في النور وتقديم التسهيلات لها في سبيل ذلك.

وكانت جريدة (النور) قد نشرت سابقاً العديد من الجولات الميدانية على بعض الورش الصناعية، وأبرزت المعاناة الحقيقية التي تواجهها من غياب الدعم الحكومي لها، أو نتيجة الظروف الراهنة التي تمر على سورية.

وتجدر الإشارة إلى أنه يوجد العديد من القرارات والقوانين التي صدرت لجهة  دعم هذا النوع من المشاريع وتنظيمها وتمويلها، كالمرسوم 15 المتعلق بالسماح بتأسيس مؤسسات مالية تعنى بتمويل مثل هذه المشروعات الاقتصادية، واتفق على تسمية تلك المؤسسات المالية ب(مصارف الفقراء)، وها هي ذي اليوم وزارة الاقتصاد تحمل على عاتقها إيجاد الآليات والنظم لدعم هذه المشروعات بتخصيص نحو 400 مليون ليرة في إطار الدعم والتمويل.

العدد 1104 - 24/4/2024