41% من اللاجئين الشباب في لبنان فكروا بالانتحار!

بعد ما يقارب أربع سنوات من الحرب في بلدي  بات عدد القتلى  يزداد يوماً بعد يوم، فأن تموت رغماً عنك  بسبب حرب همجية فهذا على الأقل يمكن أن يسمى استشهاداً، أما أن يقوم الإنسان بقتل نفسه عمداً،  أن ينهي حياته بنفسه، فهذا  ما يسمى انتحاراً.

إن الموت انتحاراً ظاهرة عالمية، ظاهرة تشوبها الخوف والريبة، فمهما اختلفت أشكال الموت من حيث بشاعتها، يبقى خبر انتحار شخص محط استغراب كبير ورفض مجتمعي.

وفي لقاء مع أحد المختصين النفسيين حول موضوع الانتحار أفاد:

بأن سبب الانتحار هو الشعور باليأس والانعزال والاكتئاب، وشعور كبير بالألم، ليقرر الشخص إنهاء حياته بيده. تختلف طرق الانتحار بين (الشنق، الأسلحة النارية، التسمم بالأدوية أو بالمبيدات، الحرق، قفزاً من مكان مرتفع) وغيرها من الطرق، ويعد الانتحار من أكثر عشر أسباب للوفاة في العالم.

إن الانتحار ليس عملاً بطولياً، إنما ينم عن ضعف شديد، وانعدام السيطرة والثقة بالحاضر بالمستقبل، علماً أنه يصل عدد من  يحاولون الانتحار لثلاثة أضعاف المنتحرين فعلاً.

ويعد العامل الاقتصادي (البطالة، الفقر) من المسببات المهمة للانتحار، لكنه ليس السبب الوحيد، إذ توجد حالات انتحار في مجتمعات متقدمة تشهد رخاءً واقتصادياً  واجتماعياً.

الديانات السماوية تحرم الانتحار .أما بالنسبة للمجتمع السوري الذي أنهكته الحرب فطبيعي أن تزداد فيه ظاهرة الانتحار  نتيجة لتزايد الظروف الخانقة التي يتعرض لها  الإنسان، وقد أظهرت دراسة قدمها صندوق الأمم المتحدة للسكان حول عينة من الشباب السوري اللاجئ في لبنان أن 41% منهم سبق أن فكر بالانتحار.

وتوثق دائماً حالات انتحار من مختلف المحافظات والمناطق السورية التي تزداد يوماً بعد يوم كإحدى نتائج الحرب.

وبين سندان الحرب ومطرقة الظروف الشخصية يأتي السؤال  عن كيفية حماية الفرد لنفسه والحفاظ على صحته النفسية كي لا يكون عرضة للتفكير بالانتحار، فكان الجواب أنه: بعد كل حدث صادم أو صدمة أو أزمة يشعر الإنسان باضطراب وانعدام توازن، ومن بعدها يمر بحالة من التشتت والفوضى، ليصل إما  لمرحلة  من التأقلم والتوازن (إعادة البناء من جديد)،  أو أن  يصاب بأمراض نفسية جسدية، واضطرابات قد تصل في مرحلة متقدمة للانتحار.

ولكي نحافظ على حياتنا وتوازننا لا بد من تعزيز (الاستردادية)،  وهي تعني القدرة على مقاومة التحطيم والهدم من جراء الصدمات والمخاطرة والقدرة على حماية ذاتنا الشخصية تحت وطأة الضغوط . قدرة على بناء الذات إعادة بناء الحياة الكريمة رغم الظروف المعاكسة.

 (الاستردادية) قدرة إنسانية أساسية تجعل الإنسان فاعلاً قادراً على تغيير واقعه شرط أن يجد حوله في محيطه العناصر التي تسمح بذلك، وهي تتمثل بـ: تأمين الحاجات المادية الأساسية، وخلق شبكة من العلاقات، والقدرة على اكتشاف معنى الأحداث مهما كانت مأساوية، وتنمية الوعي، والاستقلالية الشعور بالهوية الشخصية، والخروج من  لعب دور الضحية.

علينا  تعزيز الاستردادية لدى الجميع  مساعدين داعمين بعضنا، خاصة لدى الشباب  السوري، فمن سيحمل الوطن المريض سوى الشباب المعافى؟

ولنتشجع على أن نبوح ونواجه كل ما نشعر  به من أسى وحزن وإحباط، وأن  نطلب المساعدة لنتمكن من النهوض من جديد،ونتقدم بعمق نحو محور الحياة فنحن حلاوتها  بالرغم من كل مرارة الموت التي تلفها.

لا تيأسوا، بل تشجعوا لنتمسك بالحياة بالرغم من كل ما نعانيه، نختبر، نتألم، نعيش. فنحن أبناء الحياة،نحن أبناء سوريا الأم.

وأختم بقول أحدهم: (هناك الفرح وهو الأقوى.. هناك الرجاء وهو الأقوى.. هناك الحياة هي الأقوى) وأضيف هنا سورية بلدي هي الأقوى هي الفرح الرجاء الحياة.

العدد 1104 - 24/4/2024