غرف الزراعة: ضعف القدرة الشرائية لليرة هو السبب

وخبير يقول: ضعف الرقابة وتجار الأزمات
أسعار الخضار والفواكه تشتعل في الأسواق المحلية

ارتفاع غير مسبوق تشهده أسواق دمشق وريفها لأسعار الخضراوات والفواكه وشتى السلع والمواد الغذائية والأساسية. ففي جولة أجرتها (النور) على بعض أسواق ريف دمشق، وقفت على أسعار بعض الخضار والفواكه، التي سجلت أرقاماً تاريخية ومعدلات قياسية جديدة في السوق السورية.
فكيلو البطاطا الذي هو خبز الفقراء ب80 ل.س، وفي حال قام المستهلك بشرائه بالجملة، فإن الكيلو الواحد ب 65 ليرة. أما البطاطا المستوردة فسعرها هو 40 ليرة والجملة ب 35 ليرة. أما البندورة فمازالت محلقة بأسعارها، وتتأرجح كمؤشرات البورصة وتشهد انخفاضات وارتفاعات مفاجئة. فقد كان سعر الكيلو الواحد ب110 ليرات ثم انخفض إلى 85 ليرة. والليمون الحامض أصبح ب85 ل.س، والبصل ب80 ل.س، والتفاح ب75 و85 ل.س، والموز ب 200 ل.س، والبقدونس يسجل 15-20 ل.س، واللوبية ب150 ل.س، بعد أن كانت ب 200 ليرة، والكوسا أيضاً انخفضت قليلاً وأصبحت ب85 ليرة، بعد أن كانت ب 130 ل.س، والبيض ب 325 ل.س.. أما الزهرة فوصلت إلى 75 ليرة، والباذنجان أيضاً ب70-80 ليرة، والثوم الذي بدأ موسم تموينه ب 95-100 ليرة. أما الفول والبازلاء فسعرهما 60-70 ليرة. ومعروف أن موسم تموين هاتين المادتين أصبح على الأبواب.
وبالطبع فإن هذه الأسعار أثّرت بمجملها على استهلاك المستهلك للمواد الأساسية، إذ اكتفى بشراء بضع حبات من البندورة، لأن سعر الحبة الواحدة بلغ أكثر من 10 ليرات، كما أخذ يشتري البطاطا بالأوقية فقط، وكذلك بالنسبة للبصل والكوسا وغيرها من المواد.
وقد باتت الألف ليرة لا تكفي لشراء مستلزمات وجبة واحدة ليوم واحد لأسرة مكونة من أربعة أشخاص، أي أن المستهلك إذا أراد أن يتناول ثلاث وجبات يومياً هو وأسرته، فإنه يحتاج في كل يوم إلى نحو ثلاثة آلاف ليرة، وفي حال مقارنة الأجور مع الأسعار، فسنجد فجوة كبيرة تزداد اتساعاً كل يوم.
وكان أحد خبراء الأسعار قد أوضح أن الفجوة القائمة بين أسعار الجملة والمفرق في السلع الزراعية تبلغ 30% وسطياً، وهي حدود مقبولة، مشيراً إلى أن ارتفاع أسعار الخضراوات يعود إلى ارتفاع أجور العمال وأجور اليد العاملة الزراعية، التي أصبحت من العوامل المؤثرة بشدة في أسعار وتكلفة بعض المنتجات كالزيتون مثلاً، الذي لا تقل أجرة العامل في القطاف عن ثلث ما يقوم بقطافه.

غرف الزراعة: الأسعار مأسوية والسبب ضعف القوة الشرائية لليرة
أكد محمد الكشتو، رئيس اتحاد غرف الزراعة السورية، في تصريحه ل(النور) أن وضع الأسعار في حقيقة الأمر مأسوي إلى درجة كبيرة، وأشار إلى أن السبب الحقيقي في ارتفاع أسعار الفواكه والخضار يعود إلى انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية. مؤكداً أن ارتفاع أسعار السلع ليس له علاقة بالمستغِلين والتجار وضعاف النفوس، بل نتيجة ارتفاع سعر الدولار وأسباب أخرى، منها ارتفاع مستلزمات الإنتاج.. فالمنتج يدفع كلفاً عالية جداً، وذلك ينعكس على سعر السلعة. إضافة إلى ارتفاع أجور النقل وتضاعفها، وغياب عنصر الأمان وقلة الإنتاج لبعض المحاصيل لعدم توفر الأيدي العاملة. فمجمل العوامل اجتمعت ووجهت الضربة القاضية للمستهلك بارتفاع الأسعار.
ولفت الكشتو إلى أنه لكي تنخفض الأسعار، لا بد من تدخل حكومي قوي لضبط سعر الصرف، ونبّه إلى أهمية التدخل الحقيقي والملموس للحكومة، مع تأكيد أن المنتجات في الأسواق متوفرة بسعر مرتفع، ولا يمكن معالجة هذا الارتفاع إلا بتخفيض كلفه.
وعن ارتباط بعض السلع الزراعية بالدولار كالبقدونس والبطاطا وغيرها قال الكشتو: (إن كلفة الإنتاج سلسلة مرتبطة بعضها ببعض.. صحيح أن البقدونس ليس مستورداً، ولكن المنتِج عندما قام بري المحصول لم يحصل على المازوت بسعر 35 ل.س، بل حصل عليه ب 100 ل.س للتر، كما أن العامل أصبح يأخذ أضعاف أجره، وكذلك أجور النقل، إضافة إلى أن المنتج يحتاج إلى دخل يوازي ارتفاعات الأسعار في السوق لكي يستطيع العيش هو أيضاً، فهل سيبيع برخص ويشتري حاجياته بأسعار مرتفعة؟.. إنه لن يستطيع القيام بذلك).
وأضاف: (أؤكد أن السبب في ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه في السوق المحلية ناتج عن انخفاض القوة الشرائية لليرة، ويفترض أن يكون هناك تدخل قوي لضبط سعر الصرف وتوفير مستلزمات الإنتاج، فالمستهلك يطالب بالحد الأدنى للمعيشة، فالبطاطا والبقدونس والبندورة وغيرها هي سلع رئيسة وليست سلعاً ترفيهية).

خبير: المواطن هو الضحية.. والتاجر هو المستغل.. والحكومة غائبة عن الرقابة!
بالمقابل كان للخبير الاقتصادي عمار يوسف رأي آخر، فقد أوضح أن الذي يحدث في السوق المحلية ناتج عن ثلاثية مكونة من المواطن الذي هو الضحية، والتاجر الذي يتلاعب بالأسعار متذرعاً بارتفاع أسعار الدولار! والحكومة التي غابت عن رقابة الأسواق، ولم تضع عقوبات رادعة بحق المخالفين، وذلك نتيجة النهج الاقتصادي القائم على تحرير الأسعار.
ورأى يوسف أن تجار الأزمات يقومون برفع الأسعار دون رقيب أو حسيب أو حتى ضمير، لافتاً إلى أن حجج بعض التجار حول ارتفاع سعر الصرف وتداعيات الأزمة وارتفاع أسعار النقل وقلة المعروض والسلع في السوق، هي حجج في حال جمعت آثارها على السلعة، فإنها لن تجعل من أسعارها تقفز بهذا الشكل المرعب، لذا فإن المشكلة ليس في العوامل السابقة، بل إن المشكلة في التاجر نفسه وغياب الرقابة.
وأكد الخبير الاقتصادي يوسف أن الحل هو بوضع عقوبات رادعة بحق المخالفين، ولأي مخالفة كانت، فالتاجر عندما يتم ردعه فإنه سيضطر إلى الالتزام بالقانون، إضافة إلى أهمية توعية المواطن وتثقيفه.
ويرى التجار وباعة نصف الجملة والمسؤولون عن حماية المستهلك أن الأسعار تتذبذب تماشياً مع تذبذب سعر صرف الدولار أمام الليرة، وهو المسؤول عن ارتفاع الأسعار.

لتدخل لكسر حدة الأسعار
يبقى القول: إن المواطن بطبيعة الحال هو المتلقي الأول لصدمات السوق، وفي حقيقة الأمر أصبح الراتب الذي يتقاضاه، لا يكفيه ثمن المواصلات والخضار وإيجار منزله، إذ بلغ متوسط الأجر الشهري في القطاع العام 17.004ل.س، وفي الخاص 11.267وفي القطاع المشترك والأهلي والتعاوني 18158 ل.س. وبالطبع فإن هذا المتوسط ليس كافياً في ظل التضخم والركود الذي تعيشه أسواقنا.. وهنا لا بد من التحرك العاجل لكسر حدة الأسعار في الأسواق، وخاصة أنها طالت السلع الأساسية، كما لا بد من التحرك لإطفاء فواران الدولار وانعكاساته على السوق المحلية، وتشجيع عجلة الإنتاج قدر الإمكان. لأنه دون إنتاج يعني التضخم وانخفاض قيمة الليرة وعدم تداولها بشكل كبير. مع تأكيد رفع الحد الأدنى للأجور لتناسب الأسعار المرتفعة، وتوفير الوظائف للعاطلين عن العمل وامتصاص البطالة قدر الإمكان بتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة حالياً.
 

العدد 1104 - 24/4/2024