الأزمة أخذت معها كلّ شيء!

مذ أربع سنين، لم يرأف واقع الأزمة السوريّ بحال الجيل الصاعد (جيل الشباب) كان عبء الحرب على أكتاف اليافعين..!

نعود قليلاً إلى ما قبل الخراب النفسي، قبيل الخراب المادي الذي تعاني منه سورية. كان الوضع كما يقول البعض بالعامية (ميسور) أي كان الجميع (عايش ورضيان)،  جاءت الأزمة وأخذت كلّ شيء!! حتى (الرضا)/ كان الموظفون هم الوحيدون الذين يمتلكون (شمسيّة ضد البطالة، يحتمون فيها ضدّ إعصار الفقر وغلاء المعيشة _عساها أن تردّ عنهم _!!) أما باقي شرائح الشعب، فلم تكن لديهم تلك الشمسيّة، ولا حتى درع من النايلون!! كان كبش الفداء هم الشباب..! وسط لعبة من ألعاب الواقع الصعب الذي لم يفتح لهم سوى طريقين، أفضلهما سيء! إما أن تكون ضحيّة الخط الساخن على جبهة الألف عام، لتكون مشروع شهيد ينتظر عزاءه عاجلاً أم آجلاً، وإما أن تستقبل بطالتك وتعيش معها وتشاركها الحياة، لأنك ببساطة لن تجد تلك الشمسيّة بعد الآن، حتى وإن كانت (ستوك) بلغة السوق! سترمي نفسك لوحوش الفقر.. أما إذا جعت، فلن تأكل إلا الصبر، وعطشك لن يرويه إلا مياه شهادتك المنقوعة مسبقاً! أما إن لم تكن ممن ينقعوها فهذا تخفيف عليك، وعليك بشرب ريقك وغصّاتك واحدة تلوَ الأخرى!!

هذا هو الوضع الموجز الذي عاشه الشباب داخل الحدود المعروفة رسمياً للوطن!، أما إذا أبحرنا قليلاً إلى شلّالات الدول العربية _أدامها الله_ فكانت الحضن الأكبر لجثثنا الهامدة!

دعونا من السياسة الآن…!! لم يلبث الشاب السوريّ أن يبدأ معاناته وسط الأزمة حتى أُغلِقتْ الأبواب بوجهِه… فبعدما كنتَ محرّراً تجول دون بوصلة سياسية أو دينية تحدد مسارك، أصبحتَ تملك تلك البوصلة في شهادة الميلاد بين (كراكيب) تاريخ ميلادك وأعوامك وجنسيتك!! وتلك البوصلة أوقفتك عن التجوّل ليس فقط خارج الوطن بل حتّى داخله.

بوصلتك الدينية المولودة حديثاً أجبرتك أن لا تسير، أي أن تتوقف في مكانك، بل من المتوقّع أنها تحثّنا على الرجوع إلى الوراء.! أما إذا دخلت قبل أن تُغلق الأبواب بوجهك، فاعرف تماماً أن البوصلة هناك خُلقت بدماغك ودماغهم من حيث لا تدري! ولن تستغرب أبداً إذا عدْتَ مئات الخطوات إلى الوراء فكرياً ودينياً، وحتى مادياً نسبة لعملك!! *

* وجهة نظر: السوس يبدأ من الداخل، تعاونه البقيّة من الخارج.!

اصحوا يا بني سوريّتي..، مزّقت وطنيتنا الحشرات!! أكلت طيبتنا الطفيليات.! ستتجوّل يا أخي السوريّ داخل أزقّة الدموع وأنت تعُدُّ ضحاياك النفسيّة والماديّة.

ومن قال أن ثكلى الحرب يبكين أولادهن فقط؟ فهناك أمُّ لوطنٍ استشهد في قلوبنا إثر غزوات الطوائف التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل!

رغم ذلك، صامد يا شعبي السوري صامد! حتى مع التآكل النفسيّ.. وحتى في حروب قطّاع الطرق! فمع انشغال الكبار في منازلة خصومهم في الحرب، يهرب اللصوص ليسرقوا الغنائم خِفيةً، حتى ينشروها بضاعة يتكالب عليها الناجيون من الحرب (الميتون مع وقف التنفيذ!!..) أُولئك من طبّقنا عليهم مصطلح (قطّاع الطّرق) يُكتب هذا المصطلح، أما وَقْعه فهو أسوأ بكثير!! *تجّار الأزمة لم تقف تجارتهم على البضاعة، تاجروا حتى بالوطنيّة، باعوا كلّ شيء حتى التراب..!، باعوا الوطن!!! ورغم ذلك (صامد يا شعبي السوريّ صامد)!!

العدد 1105 - 01/5/2024