الشباب العربي ضيّع صلة الوصل بين الماضي والحاضر

استخدم الناس الصورة الفوتوغرافية لتوقيف الزمن عند لحظة فرح أو سعادة أو.. أو.. إلخ

عشنا نحن نستخدم كتب التاريخ لنعود إلى ذاك الزمن لنتذكر لحظات الانتصار التي أحدثناها!

كان الرجال حينذاك يملؤون كلّ معاني الرجولة في أفعالهم

شهدت على انتصاراتهم تشرين وميسلون والكفر والمزرعة ووو…

كانت أرواحهم حيّة حتّى بعد الاستشهاد…

منذ نشأة العرب والشّباب يدفع ثمن خيانات الحكّام ومقايضاتهم..

 في مرحلة حقن الدماء العربيّ ورحيل المحتلين من أزقّة انكساراتنا النفسيّة بدأت مرحلة الازدهار الوطنيّ والعودة مجدداً إلى أحضان الوطن…

لم ترحل تلك الدول من أراضينا راضية، وبالطبع أيضاً لم ترحل مجبرة ولا حتى مهزومة..

الكلّ يعرف أن الانسحاب أشرف من الخسارة لذلك جميعنا يعرف دون اعتراف صريح أنّ تلك الدول انسحبت لتحافظ على هيبتها، لتقوّي عزيمتها وتعود بهيئة أخرى من جديد..

***

عاشت الشعوب العربية بعيد فترة الاحتلالات حالة بناء نفسيّ وماديّ، انتفاضة من إرهاقهم الدمويّ في الحروب العالمية!!

رافق هذا الازدهار حسب التطورات.. التكنولوجيا التي بدأت تروح بالأجيال إلى غير أماكن وغير أهداف..

بالطبع كما الكلّ كان يعرف أنّ فلسطين وعدٌ عربيّ قديم راهنت الدول العربية على برهنته..

عادت تلك الدّول بعدما قوّت نفسها لتأخذ الشاب العربيّ إلى منحىً آخر، لتبعده عن محاولة تهديد مخططاتها ومشاريعها الاستعمارية!

عملت تلك الدول على زرع الفتنة بين الشعوب كما اعتادت من قبل، على إشعال الحروب الأهلية،لإشغال الجيل المتحمس للحياة، المفعم بالطاقة عن مناوراتهم الخفيّة

بعدما نجحت الدول في إبعاد الشباب العربي عن السياسة، وحتى عن صورة أجداده التذكارية بين صفحات التاريخ، أصبح عبداً للعولمة التي سخرته تماماً لأن يكون أداتها المستقبلية وليكون بعيداً كلّ البعد عن مشاريعهم..!

عبّر (البوعزيزي) عن أوّل تطبيق ماديّ غير مباشر لخططهم نحو الدّمار العربيّ..

كانت فكرة جيّدة لإشعال ثورة سريعة في المنطقة العربيّة لحق بها الشباب العربي بعد انقطاع مديد للسياسة، عاد لها مجدداً بعدما ضيّع الفترة الوسطى الواصلة بين المرحلتين، بعدما ضيّع تاريخ أجداده وفوجئ بحقيقة حاضره فرض الواقع عليه أن يتجنّد مقاتلاً دون سابق إنذار..!!

بدأ الواقع الجديد عام 2011 فغيّر مسار الشباب وغيّر طموحاتهم وهمومهم، زعزع اطمئنان القلوب..!

أُدخلنا إلى لعبتهم رغماً عنّا.. أصبح علينا اليوم أن نتعامل بالسياسة كيفما كان: صغيراً أو كبيراً، بفهم أو من دونه!

نتخبّط نحن اليوم في ظلّ واقع فرض علينا قانون طوارئ نفسيّ وأجهزة إنذار عاطفيّة للانكسارات القادمة..

تحمّل رجال الثورات القديمة انكساراتهم ببطولة وفخر..

ما الذي يجب على شباب ضيّع نصف تاريخه عبثاً بعولمتهم، وغرقاً بتكتيكاتهم، أن يحمل من انكسارات، وكيف عليه أن يحملها في المستقبل؟!

العدد 1105 - 01/5/2024