ما بين شواطئ الغرب وكواليسه… السوريون عالقون

 حزموا حقائبهم وباعوا ما تبقى من أحلام وآمال لهم في بلدهم، واستعدوا لرحلة العمر في قوارب الموت التي تنتظرهم على الشواطئ التركية التي كانت بنظرهم طوق النجاة الوحيد لمستقبلهم، لكنهم لم يدركوا أن البحر الذي سيركبونه إلى بر الأمان المنشود سيكون أقسى عليهم من تلك الحرب الشرسة الدائرة في بلادهم. ومن الأمور المسلّم بها، أن الآلة الإعلامية الغربية عندما تدور عجلاتها بشدة تجاه قضية ما، فإن هذا نذير لأمر ما سيكون حكماً في خدمة مصالح الرأسمال الغربي، كما أنها مستعدة لدفع الملايين من أجل استضافة خبراء، أو في سبيل الحصول على صور أو مقاطع ؟يديو تظهر من خلالها معاناة اللاجئيين السوريين ومآسيهم، فضلاً عن المعاملة اللاإنسانية بحقهم من قبل الشرطة المجرية والهنغارية..

فرغم اشتعال الحرب في سورية منذ خمس سنوات، إلا أن الغرب لم يفتح يوماً ملف الهجرة أو اللجوء سوى الآن، وهذا ما يثير الشكوك والمخاوف لدى الكثيرين، فمنهم من يرى أنه مخطط لفرض التقسيم في سورية، ومنهم من يقول إن التاريخ يعيد نفسه، فالهجرة الفلسطينية التي ما زالت ماثلة في الوجدان العربي بدأت بشكل مشابه إلى حدّ ما، بينما يؤكّد آخرون أن الهدف هو إفراغ سورية من سكانها من أجل تحقيق حلم إسرائيل الأزلي( حدودك إسرائيل من الفرات إلى النيل) والكثير الكثير من الآراء التي تجعلنا نترك باب الاحتمالات مفتوحاً..

لكن السؤال الذي يفرض حضوره أمام هذا المشهد السوري.. هل بإمكان السوريين اختيار البقاء في بلادهم رغم الموت والقهر والذل اليومي..؟ وهل من مقومات تجعلهم صامدين بكبرياء أمام ما يُخطط لهم ولبلدهم..؟ أسئلة نضعها برسم المعنيين بالأمر وحل الأزمة بأقرب وقت من أجل الحفاظ على ما تبقى من بشر في تلك الأرض، ومن أجل إفشال ما يُحاك لنا في دوائر الغرب وكواليسه.

و من ناحية أخرى يصرح الغرب بضرورة القضاءعلى (داعش) و انتهى بهم الأمر إلى تشكيل تحالف للقضاء على هذا التنظيم الإرهابي، ورغم مرور عام ونيف على بدء الأخيرة بشن غارات عليه فلم تأت بنتيجة تستحق الذكر وفي الوقت نفسه الذي كانت تشن هجمات و غارات تستهدق مقرات التنظيم إلا أنها استمرت بدعم الفصائل المسلحة في سورية بالمال والسلاح وأغلبها أصبحت في مصلحة داعش فضلاً عن أنها لم تقم بأية خطوة أخرى كالضغط على بعض البلدان العربية التي جاهرت بدعمها الكامل له.فنرى في تذبذب الرأي الغربي تجاه هذا الموضوع أن لها ثلثي الخاطر في استمرار الحرب، فذلك يعود عليها بالمكاسب المادية و السياسية.

مهما استمرت هذه الحرب في بلادنا ورغم مشيئة الغرب والعرب الواضحة في استمرارها حتى الخضوع لشروطهم إلا أن إرادة الشباب السوري ووعيهم الكامل لما وراء هذه الحرب سيرسم نهاية تلك الأزمة وسيكونون أقوى من السلاح بعلمهم و إرادتهم الصلبة..

ل. ج

العدد 1105 - 01/5/2024