الجيل الجديد فهم التراجيديا خطأ !

بعدما أصبحت العولمة احتلالاً سرمدياً في العالم كلّه، توجّب على الجميع التعايش مع هذا الواقع الجديد.

تغلغلت العولمة في حيواتنا ودواخلنا من خلال أمور عدّة.

( لنتناول التكنولوجيا كأداة مغنطة فكريّة..)

عاشت المجتمعات بين آلامها وأحزانها، وحبّذا لو كان هناك من يتكلّم عن تلك الآلام أو يتناولها بطريقة أو أخرى. ومع تطور الفكر نشأت الصحافة بدايةً، وأخذت أحداث الناس بشكلٍ ناقد ولاسع وصريح، إلى أن أصبح من المفروض وضع بعض القيود عليها. فجاء التلفاز (الرّائي) كإحدى تلك الأدوات الضرورية في كلّ منزل، وتوجّب على الناقدين أن يوجدوا طريقة جديدة لعرض أفكارهم بشكل مقبول ومحبب أكثر.

بعدما كانت القصص والروايات نوع آخر للتعبير اللطيف على لسان الحكواتي مثلاً، تطورت إلى أن أصبحت تُطبّق بصورٍ أخرى ووسائل أخرى، ونفذ التلفاز في بعض برامجه التي تبعتها المسلسلات في عرض تلك القصص كتعبير عمّا يجري في الحياة اليومية للناس.

اليوم نحن في القرن الحادي والعشرين والعام 2015في الوطن العربي الأقلّ استهلاكاً للحضارة حتى في هذا التقدم الزمني!

و كما الجميع يعرف أننا لا نتناول إلا قشور المواضيع.. اعتُبر التلفاز من أفضل الطرق المعبّرة عن مأساة الناس بطرق طرحها للمسلسلات التي عايشت واقعهم الصعب خصوصاً في الزمن الماضي للشعب…

مع الزمن تقدّمت الدراما السورية عبر عرضها لأهمّ الموضوعات في مسلسلاتها، وتناولت درامانا كلّ القصص المقبولة فيما قبل، محاكية أحزان الناس، آلامهم.. وكل ما حول ذلك. إلى أن بدأت الدراما السوريّة بأخذ موقع منافس على الساحة الفنية، وأصبح الكادر أقوى من ذلك، باتت تعتبر الدراما الأقوى عربياً ..

الأزمة السورية لم تساعد فقط على حلّ الرابطة الأخويّة بين الشعب السوريّ، بل عملت أيضاً على حلّ الرابطة الأخلاقية !

عمل الغرب على توريد مونتاجهم الأجنبي إلينا..

و كنّا ممّن استوردوا هذا المونتاج كعروض تليفزيونية غير اعتيادية للمتلقّي، فالشعب العربي غير معتاد على عاداتهم وتقاليدهم ..

كما أنّ الشعب السوريّ تأقلم على نوع معيّن من المحلّلات والمحرّمات، وكان يمشي على نوع معيّن من الأخلاق التي تمنعه من متابعة تلك العروض..لكن التيّار جرف الجميع، وكما الكلّ يعرف أنّ أوّل ما ساهم فعلياً بجرف الفنّ السّوري، الدراما التركية التي عرضت أفكار غريبة مطلقاً ومختلفة مطلقاً عمّا اعتدناه بدرامانا .. كانت عبارة عن الصدمة الكبرى، والحدّ الفاصل بين درامانا مسبقاً

و درامانا الآن!

السؤال: منذ متى باتت لقطات عرض الجسد  أكثر أهميّة من لقطات عرض الفكرة أو المشكلة  وسردها؟!

منذ متى بات الانحلال الأخلاقي محور مسلسلٍ بأكمله!؟

متى كان الفنّ عندنا عبارة عن متاجرة بمشاعرنا ولعب بأعصابنا طيلة فترة المتابعة!؟؟

أصبح موضوع الخيانة أهم بحث في كلّ سيناريو سوريّ على الإطلاق!!

اليوم لم تعد درامانا تعبير عن مآسينا كما كانت قبل !

درامانا اليوم استنزاف لأعصابنا وحرق لدمائنا ما دمنا نتابع ذات المسلسل إلى أن نتركه لغيره لنرى سيناريو آخر بالهيكل والهدف ذاتهما!!

أفعلاً أصبح هذا هدف الدراما اليوم…؟

بجعلنا نكتشف أننا في زمن حقير ذهب فيه كلّ ما حافظنا عليه من أخلاق عبر قرون!!

أننا لم نعد أخوة حتى بالدم!!!

هل الذي أوصل درامانا اليوم إلى هذا الحدّ، هو فهم التراجيديا خطأً؟؟!

العدد 1105 - 01/5/2024