بالأمس كان مهلِّلاً

 ألقى الأستاذ الدكتور حسين جمعة، رئيس اتحاد الكتاب العرب السابق، هذه القصيدة في يوم عزاء الرفيق باسم عبدو، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد، ورئيس تحرير جريدة (النور)، وعضو المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب، الذي عمل مع الدكتور جمعة مدة خمس سنوات في المكتب التنفيذي للاتحاد، وبادل كل منهما صديقه الصدق بالصدق، والوفاء والوفاء، والإخلاص بالإخلاص.

أبيات فيها من تدفق العاطفة ما فيها من صدق المشاعر والوفاء لقيم الرجولة والشهامة العربية.

فقدناك أبا الشفيع

قَدْ هزّني نعيٌ شقيٌّ جانِ

حمل المهابة جال بالأحزانِ

نادى بصوت مرجَف ومعذَّب

يغري القلوب بشهقة اللهفانِ

ومضى يصرّف لوعةً فياضةً

إذ هاج دمعاً بالبكا الهتّانِ

أصلى العزاءَ بباسمٍ في حرقةٍ

نبأٌ مريعٌ فاض بالأجفانِ

ما كنتُ مرتقباً ليومٍ صادمٍ

يختارُ حِبّاً فازَ بالأقرانِ

بدرَ النفوسَ محبّةً ووداعةً

مهرَ الكتابةَ زاهيَ الأفنانِ

بالأمس كان أبو الشفيع مهلِّلاً

واليومَ صارَ بحرمةِ الأكفانِ

كان الحريصَ على الصّديق كرامةً

كان المندّى بالصفا المرنانِ

حفظ الأمانة حاضراً أو غائباً

صان الفضائل في رُبا الأوطانِ

يضعُ القضايا في مدارٍ عادلٍ

فيحوزُ قرباً باديَ الأركانِ

كان الأبيَّ إذا الرفاق تلوّنوا

يجلو سناءَ الرأي بالبرهانِ

كنّا نواجه فتنةً ملعونةً

ماجتْ بلُبِّ عصابةٍ بطعانِ

فخرتْ بإرهابٍ شنيعٍ فاجرٍ

هتفتْ بقتلٍ وانتشت بزَوانِ

غصبت حرائرَ في الديار شريفةً

وسَبَت نساءً جُرّرت بهوانِ

داست مروءاتِ الرجالِ جهالةً

نبشت قبوراً.. أفسدت بمكانِ

لم تنكسرْ- يا صاحبي- بجريمةٍ

هتكت مبادئَ رُسّخت بزمانِ

يا باسمٌ يا صنوَ ذِكْرٍ دائمٍ

إني أنا الملتاعُ في الأكوانِ

سأظلّ بعدَكَ باكياً بمرارةٍ

زمنَ الصداقةِ ضمّنا بقِرانِ

إن كان يومُكَ قد أتى بأوانِه

وجرى برَهنِ الحقِّ والديّانِ

عهدي إليك بأن أعيشَ مُجالداً

للغدر.. والإذلالِ والخذلانِ

كلُّ ابنِ أنثى مودَعٌ بعنايةٍ

يحيا لوقتٍ.. يرتقي بثوانِ

 

صباح الاثنين (30/11/2015م)

العدد 1105 - 01/5/2024