الحكومة والمعارضة إلى جنيف 2 أيدِ تحرك الدمى وفوضى في التصورات

قبل أن تفتتح بوابة العبور إلى جنيف 2 تزدهر في المنطقة بيئة حقيقية لتصورات عدة لا يشكل المؤتمر العتيد أكثر من ترتيب مناسب ضمن مجموعة الترتيبات المعدة، أو التي تعد، للمنطقة. معطيات المعلومات والأخبار التي يمكن تداولها بشيء من الدقة، تشير أولاً إلى حاجة دولية ليس لاستتباب الأمن والسلام في سورية، بقدر ما هي حاجة فعلية لشن حرب حقيقية على ما يمكن أن نسميه بالإرهاب. الإسلاميون، من الإخوان إلى القاعدة ومعها الوهابية وتوابعهما، نجحوا بغبائهم منقطع النظير في استقطاب صفة (الإرهاب) بما رشحهم للموقع الأول للتلظي بنار الحرب عليه. الواضح أن هؤلاء الإسلاميين لن يواجهوا النيات المبيتة على نسق وفي زمن واحد، بل على التتابع وبالتدرج الزمني. ذاك يفسح المجال للاستفادة منهم في قتال بعضهم، كما هو حاصل في سورية اليوم. من جانب آخر لن ترضى الحرب على الإرهاب التي يتم تدشين قواعد جديدة لها اليوم وتعد مواقع ازدهارها، بأن تكون مهمتها مقتصرة على الحرب ضد التنظيمات الإسلامية المتصفة اليوم بالإرهاب! بل ما زال الوصف يصلح لتلبيسه لمن يريده (المحاربون). المحكمة الدولية بشأن مقتل رفيق الحريري في لاهاي مستمرة إلى زمن محدد تستدعى بعده للانعقاد بحثاً عن توصيف للإرهاب يطبق على غير الإرهابيين الذين حفظ العالم صورتهم وعناوينهم اليوم.

الحرب على الإرهاب ضرورة يفهمها العالم اليوم جيداً ولن يعترض عليها أحد، ومن كان في نفسه ريب، فقد استدعيت التنظيمات التكفيرية الوهابية المسلحة إلى سورية لتقدم بياناً عملياً حول جدارتها بالقضاء الكامل عليها، وجدارة الإسلاميين عموماً بعدم الثقة بهم، ولننتبه لما يجري في مصر وتونس اليوم، وفي غيرهما قريباً.

هذه الحرب القائمة القادمة هي السبب الأول والأساسي لجنيف 2 الذي يريده الغرب ويعرف ماذا يريد منه وكذا روسيا، ولا يريده السوريون ولا يستطيعون تحديد ما يريدونه منه! هناك فوضى عبثية في تصورات السوريين لجنيف 2. الحكومة (النظام السياسي)  جاهزة تريد الأمن والسلام والسيادة ورفع العقوبات عن البلد، وكل ذلك شرعي، وتريد أيضاً أن تبقى هي الحكومة! أما المعارضة فلا تعرف من هي ولا أين هي ولا ماذا تريد. معارضة الداخل (هيئة التنسيق) لن تحضر! والائتلاف ليس حاضراً لا في المؤتمر ولا في غيره! ومن يراوده الشك ويعتبر كلامي هذا موقفاً ومبالغة، ليستمع إلى خطاب الجربا عندما أعلن نهاية المخاض بالموافقة على الحضور. هل هذا حديث محاور يتجه إلى طاولة الحوار وهو يعرف ماذا يريد؟ وكيف يصل إليه بالحوار؟ أم أنه السقوط بالرجوع إلى المربع الأول للحالة السورية.

لن يفشل جنيف 2 مجرد انعقاده هو نجاح في التوجه بالأنظار نحو الإمكانات السياسية للحل، والرابح الأخير من يدير اللعبة بكفاءة أكبر.

العدد 1105 - 01/5/2024