حشد عالمي لعقد جنيف2

تمركزت السياسة الدولية في الشهر الأول من عام 2014 حول عقد مؤتمر جنيف2 لبحث الأزمة السورية التي تكمل من عمرها  ثلاث سنوات، في منتصف آذار القادم.

وهناك شبه إجماع إقليمي ودولي على أن يكون الإرهاب، هو النقطة الرئيسة التي تتصدر المناقشات، وإيجاد الوسائل لتجفيفه واجتثاثه، وذلك نظراً لامتداده في الشرق الأوسط، وتمركزه في سورية والعراق ومصر وانتقاله إلى لبنان ودول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها، والخوف من أن يشكل جبهة عالمية وبركاناً من الصعب إخماد نيرانه.

وقبل أسابيع قليلة من استحقاق جنيف، ارتفعت حرارة القتال المتبادل بين المجموعات التكفيرية المسلحة في (حلب وإدلب والرقة) من جهة، وبرزت أشكال من المصالحة في مناطق عدة من البلاد، وسلّم مئات المسلحين أسلحتهم الثقيلة من جهة ثانية. وجرى تحوّل – لم يكن مفاجئاً – في موقف تركيا، بسبب الاضطرابات الداخلية وتصعيد مواقف المعارضة في البرلمان والشارع التركي، والقتال الدائر على حدود تركيا الجنوبية بين المجاميع الإرهابية. و تحت عنوان (إعادة تغيير في النظرة التركية إلى سورية) صرَّح الرئيس التركي عبد الله غول  في لقاء سفراء بلاده قائلاً: (إن تغيير أنقرة لسياستها تجاه سورية، يتطلب اتخاذ إجراءات عملية لوقف دعم الإرهاب).

وقبل عقد جنيف، فتحت موسكو أبوابها (التي لم تغلق)، لعديد الوفود الحكومية  من سورية وإيران، ولأطياف المعارضة في داخل سورية وخارجها. وكان محور المباحثات حول النزاع في سورية والتحضيرات لعقد جنيف2. وكان لزيارة وزيري خارجية إيران وسورية، صدى سياسي كبير، واهتمام واسع بلقاء لافروف ب(ظريف والمعلم)، وتأكيد زعيم الدبلوماسية الروسية، أن موقف الدول الثلاث من الأزمة السورية (ليس فريداً) وهو لا يتميز عن مواقف العديد من الدول الأخرى.

وقال لافروف: إن الأمر يستلزم عقد أكثر من جولة من المباحثات، ولهذا لن ينتهي جنيف في الثاني والعشرين من كانون الثاني، وإنما سيبدأ!

وفي ما يتعلَّق بمشاركة إيران في المؤتمر، قال وزير الخارجية الإيراني: سنشارك إذا ما وجهت إلينا الدعوة، وإذا لم توجه إلينا الدعوة فلن نشارك. وقال أيضاً: إن طريق تسوية الأزمة السورية هو طريق سياسي محض، وإن الحل ليس عسكرياً.

وينسجم الموقف الإيراني من الأزمة السورية مع الموقف العالمي. فالحل السياسي هو الطريق السليم، وأن العنف ونزف الدماء وما يجري من تخريب وقتل وتهديم وبتر الأعضاء وقطع الرؤوس لا يجلب إلاَّ دمار سورية.

ولا يزال حضور مؤتمر جنيف دون شروط مسبقة هو المطلب الأول، وليس كما يرى بعض أركان المعارضة الوطنية في داخل سورية، فقد اتخذ موقفاً متناقضاً لموقف الحل السياسي المجمع عليه. وأعلن (أن الحل بدأ، وهو يستمر بانتصار الدولة بمظهرها العسكري..). وأعلنت هيئة التنسيق الوطنية مقاطعة المؤتمر، ورفضت رفضاً قاطعاً أن تشارك بوفد تحت عباءة (الائتلاف) وقيادته..

وقد اتخذ الائتلاف قراراً في اجتماع إسطنبول بعد التصويت، بالمشاركة في المؤتمر، لكنه سرعان ما انسحب فور توجيه الدعوة لإيران لحضور جنيف،2 واشترط لحضوره سحب هذه الدعوة.

وتباينت المواقف والآراء حول نجاح أو فشل جنيف.2. فهناك من يؤكد مسبقاً وبحزم أنه حتى جنيف 10 إن تمَّ لن يحقق أية خطوة في اتجاه الحل السلمي. وأكثر من رأي يرى أن الحل السياسي هو الطريق إلى الخروج من الأزمة السورية، على الرغم من العثرات التي يضعها أعداء السلام في هذه الطريق. وآخرون (من الحكومات والمعارضات، وعلى المستويين الإقليمي والدولي)، يربطون نجاح المؤتمر بتجفيف منابع الإرهاب ومحاكمة  الدول والجهات الداعمة له.

العدد 1105 - 01/5/2024