استراتيجية غير ناجحة لهزيمة «داعش»!

لم تنجح استراتيجية الرئيس الأمريكي (أوباما) في سورية والعراق حتى الآن، إذ كان الرئيس يأمل أن تتمكن الضربات الجوية المحدودة، إلى جانب دعم الولايات المتحدة لأهالي عين العرب، في القضاء على (داعش)، ولكن بينما ساعدت التحركات الأمريكية على الحد من توسع (داعش)، إلا أنها لم تهز سيطرة الجماعة الإرهابية على منطقة تعادل مساحة بريطانيا، وبالتالي إذا كان الرئيس جاداً في التعامل مع داعش، فسيكون بحاجة إلى زيادة التزام الولايات المتحدة بأكثر من مجرد قراره الأخير بنشر 150 مستشاراً إضافياً. والسؤال: ما الذي يتطلبه الأمر لإلحاق الهزيمة بداعش؟

يؤكد خبراء عسكريون غربيون أنه ينبغي تكثيف الضربات الجوية الأمريكية، ويستشهدون بما جرى تجاه حركة (طالبان)، فقد قامت الطائرات الأمريكية بـ6500 طلعة جوية هجومية، وأسقطت 17500 طن من الذخائر خلال 75 يوماً، أي بين 7 تشرين الأول و23 كانون الأول ،2001 حتى فقدت طالبان السيطرة على أفغانستان، بينما على النقيض من ذلك، فخلال 76 يوماً (من 8 آب إلى 23 تشرين الأول 2014) شنت القوات الأمريكية 632 غارة جوية، وأسقطت 1700 طن من الذخائر في العراق وسورية، إلى جانب أن هذه الغارات كانت عشوائية، وبالتالي لم يتمكن هذا القصف العشوائي من وقف قوة داعش.

ويخلص هؤلاء إلى أن المطلوب هو رفع الحظر عن القوات البرية الأمريكية، ذلك أن وجود قوات خاصة أمريكية على الأرض يساعد على دقة الغارات الجوية وفعاليتها، لاسيما أنه يسهل عملية استدعاء هذه الغارات. من جهة أخرى يؤكد الخبراء أن حجم القوات الأمريكية الحالي حتى السماح بوصوله إلى 3000 فرد غير كاف لمواجهة أكثر من 20 ألفاً من إرهابيي داعش، وحسب تقديرات موثوقة فإن القوة اللازمة يتراوح عددها بين 10 و25 ألفاً من المقاتلين وفقاً لآراء محللين عسكريين.

كما يتطلب الأمر تعزيز العمليات الخاصة في مجالات جمع المعلومات الاستخباراتية عن داعش من خلال استجواب السجناء، واستكشاف أجهزة الكمبيوتر والوثائق، وهذا الشيء لا يمكن تحقيقه من خلال القصف الجوي العشوائي، كما أشرنا قبل قليل.

والمطلوب أيضاً تقديم مساعدات فعالة للحشد الشعبي من القبائل  العراقية التي تطوعت وقدمت أبناءها في إطار حملة التصدي لهجمات داعش وتوسعها في عدة مناطق عراقية بالتنسيق مع الجيش العراقي. باختصار، يصف النقاد الاستراتيجية الأمريكية الحالية لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي بأنها غير فعالة ولا مجدية، ولديها فرصة ضئيلة للنجاح، كما أثبتت سير المعارك حتى الآن، وإذا ما استمرت الولايات المتحدة العمل وفقها، فقد تتمكن داعش من التوسع في لبنان والأردن، وحتى في السعودية نفسها.

وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم داعش لم يكن باستطاعته اجتياح العراق من حدوده الغربية إلى حدوده الشرقية خلال خمسة عشر يوماً إلى عشرين يوماً، لولا دعم الولايات المتحدة! بمعنى آخر واشنطن هي التي أوصلت داعش إلى العراق، ولاتزال حتى الآن (تناور وتداور) لتغطية هذا الأمر، وللظهور أمام المجتمع الدولي بأنها تقف ضد الإرهاب.. الدليل الآخر على التواطؤ الأمريكي مع داعش، أن حليف واشنطن مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق، صرح أكثر من مرة بأن الولايات المتحدة والدول الحليفة لها لم تقدم ما يكفي من الأسلحة الثقيلة لمساعدة قوات البشمركة على توجيه ضربات حاسمة لتنظيم داعش، موضحاً أن ما قدمته هذه الدول لا يرقى إلى المستوى المطلوب، وذكر البرزاني أمثلة عن الأسلحة المطلوبة مثل ناقلات الجنود المدرعة وطائرات الهيلوكبتر والمدفعية الثقيلة وغيرها.

على أية حال، بات من الواضح أنه إذا ما استمرت واشنطن في موقفها الراهن في مجال التصدي الشكلي لداعش، فإن الرايات السوداء لهذا التنظيم الإرهابي ستمتد إليها وإلى الدول الحليفة لها في جنوب أوربا، وهذا ما أشار إليه موقع (سي. إن. إن)، فقد ذكر أن داعش سيطرت على مدينة (درنا) الساحلية شرق ليبيا القريبة من الحدود المصرية، والتي تبعد نحو أقل من 200 ميل عن الشواطئ الجنوبية لأوربا.

العدد 1105 - 01/5/2024